للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنس الثالث: ما كان علته الانقطاع في سند الحديث.

ويقصد بالانقطاع سقوط رواة في الإسناد، ومما لاشك فيه أنَّها علة ظاهرة حيث يظهر الفرق واضحاً بين طبقات الإسناد، وتفاوت كبير بين رجاله، ولكن قد يخفى أحياناً على من ليس له خبرة بالتاريخ ومعرفة الرجال وأحوالهم وشيوخهم وتلاميذهم، ومن تلاقوا منهم ومن لم يتلاقوا وغيرها من أدوات معرفة الانقطاع في الإسناد، فنبه النقاد على مثل هذه العلة لهذه الأسباب، وقد أعل الدارقطني بعض الأحاديث نذكر منها:

المثال: قال الإمام البرقاني: "وسئل - الدارقطني -: عن حديث مسعود بن الحكم الزرقي، عن علي - رضي الله عنه -: ((أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي الْجَنَازَةِ ثُمَّ قَعَدَ)) (١).

فقال - الدارقطني -: هو حديث يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن علي. قال ذلك الليث بن سعد، وعبدالوهاب الثقفي، ويزيد بن هارون، وخالفهم جرير بن عبدالحميد فرواه عن يحيى بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن نافع بن جبير، عن مسعود ابن الحكم ووهم فيه جرير، ورواه الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن نافع بن جبير، عن علي أسقط من الإسناد رجلين ولم يقم إسناده، والصواب قول الليث بن سعد، ومن تابعه عن يحيى، عن واقد بن عمرو " (٢).

الجنس الرابع: ما كان علته جهالة الراوي في سند الحديث.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: " ثم الجهالة: وسببها أن الراوي قد تكثر نعوته فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض وصنفوا فيه الموضح، وقد يكون مقلا فلا يكثر الأخذ عنه وصنفوا


(١) أخرجه مسلم على الوجه الصحيح المتصل في الجامع الصحيح (مع شرح النووي)، كتاب الجنائز، باب نسخ القيام للجنازة، (ج٤/ ص٣٤)، برقم (٩٦٢) من طريق يحيى بن سعيد عن واقد ابن عمرو بن سعد بن معاذ أنَّه قال: رآني نافع بن جبير ونحن في جنازة قائماً، وقد جلس ينتظر أن توضع الجنازة فقال: لي ما يقيمك فقلت أنتظر أن توضع الجنازة لما يحدث أبو سعيد الخدري فقال: نافع فإنَّ مسعود بن الحكم حدثني عن علي بن أبي طالب أنه قال: ((قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ)).
(٢) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٤/ص١٢٧ - ١٢٩)، سؤال رقم (٤٦٦).

<<  <   >  >>