للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام أبو داود: " والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث، إلا أن تمييزها لا يقدر عليه الناس، والفخر بها أنه مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم " (١).

وكما أنَّهم كانوا يطلقون الغريب على الصحيح، كما فعل الإمام الترمذي في كتابه "السنن"، وهو مشهور عنه تقسيم الغريب إلى صحيح وحسن وضعيف، وقال الخليل بن عبدالله بن أحمد الخليلي: " حديث عمرو بن دينار في الرقية روى عنه أقرانه، والكبار من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: ((قُلْتُ يَا رسُول اللهِ إنَّ بَنِي جَعْفَرَ تُصِيبُهُم الْعَينُ فَاسْتَرْقِي لَهُم، فَقَالَ: نَعَم))، وهذا مما يتفرد به عمرو وهو صحيح غريب " (٢).

وقال الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح: " قوله وينقسم الغريب أيضاً من وجه آخر فمنه ما هو غريب متناً وإسناداً، ومنه ما هو غريب إسناداً لا متناً، ثم قال: ولا أرى هذا النوع ينعكس، فلا يوجد إذاً ما هو غريب متناً وليس غريباً إسناداً، إلا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن تفرد به فرواه عنه عدد كثيرون، فإنَّهُ يصير غريبا مشهوراً، وغريباً متناً، وغير غريب إسناداً، لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد فإنَّ إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول متصف بالشهرة في طرفه الآخر كحديث: ((إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ)).

استبعد المصنف وجود حديث غريب متناً لا إسناداً إلا بالنسبة إلى طرفي الإسناد وأثبت أبو الفتح اليعمري هذا القسم مطلقاً من غير حمل له على ما ذكره المصنف فقال في شرح الترمذى: " الغريب على أقسام: غريب سنداً ومتناً، ومتناً لا سنداً، وسنداً لا متناً وغريب بعض السند فقط، وغريب بعض المتن فقط.


(١) سليمان بن الأشعث أبو داود: رسالة أبي داود إلى أهل مكة وغيرهم في وصف سننه، طبعة دار العربية، بيروت، تحقيق: محمد الصباغ، (ص٢٩).
(٢) الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي: الإرشاد في معرفة علماء الحديث (ج١/ص ٣٢٩).

<<  <   >  >>