للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتُ: والعلة التي أشار إليها الدارقطني في هذا الحديث أنَّ خلاد بن يحيى أخطأ فرفع حديث عمر بن خطاب رضي الله عنه، وغيره رواه عن الثوري موقوفاً من قوله، ومتن الحديث المرفوع صحيح متفق عليه من مسند أبي هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الْخُدْري رضى الله عنهم مرفوعاً، والحديث الموقوف هو الصحيح الذي قصده الدارقطني، ولذا لم يخرج أحد من أصحاب الكتب الحديث من هذا الوجه.

المثال الثاني: قال البرقاني في العلل: "وسئل - الدارقطني - عن حديث محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((مَعَ الْغُلاَمِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى)) (١).

فقال - الدارقطني -: هو حديث يرويه عبدالله بن المختار (٢)، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، عن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. إنَّهُ وهم فيه، والصحيح من ذلك ما رواه أصحاب ابن سيرين الحفاظ عنه منهم: أيوب السختياني، وهشام، وقتادة، ويحيى ابن عتيق وغيرهم، عن محمد بن سيرين، عن سلمان بن عامر الضبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم " (٣).

قلتُ: والعلة التي أشار إليها الدارقطني في هذا الحديث أنَّ عبدالله بن المختار وهو البصري أخطأ في حديث أبي هريرة فسلك الجادة فيه (عن ابن سيرين عن أبي هريرة)، فخالف الأثبات من أصحاب ابن سيرين، فإنهم رووه عن سلمان بن عامر الضبي وليس عن أبي هريرة، وبهذا يُعلم سر عدم إخراج أصحاب الكتب الستة لهذا الحديث من مسند أبي هريرة، وإخراج الجميع له من مسند سلمان بن عامر الضبي.


(١) أخرجه على الوجه المعلول الحاكم: في المستدرك (ج٤/ص ٢٦٦)، برقم (٧٥٩٣)، من طريق جرير بن حازم، عن عبدالله بن المختار، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه به، وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي، قلتُ: ولا يخفى أنَّ حديث أبي هريرة معلول بحديث سلمان بن عامر الضبي كما أشار إليه الدارقطني هنا.
(٢) هو عبدالله بن المختار البصري (ت:؟)، ثقة، من الطبقة السابعة، من كبار أتباع التابعين، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، تهذيب التهذيب (ج٦/ص٢١).
(٣) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٨/ص١٢٧)، سؤال رقم (١٤٥٢).

<<  <   >  >>