للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتُ: وقرينة العلة التي صرح بها الدارقطني هي: تفرَّد أبي داود الطيالسي بهذا الحديث عن شعبه ولم يشاركه أحد في شيخه - وهو ثقة حافظ - ولا يقبل هذا وشعبة وهو ابن الحجاج إمام مكثر، وله أصحاب معرفون أثبات مقدمون على أبي داود الطيالسي، مثل: غُنْدر محمد بن جعفر وهو أثبت الناس في شعبة (١)، ثُمَّ معاذ بن معاذ وهو العنبري وغيرهم، إذ لو كان هذا الحديث محفوظاً عن شعبة لرواه هؤلاء، ولما تركه أصحابه المعروفون بالإتقان، فَعُلِمَ خطأ أبي داود الطيالسي في هذا الحديث، والله تعالى أعلم.

المثال الثاني: قال البرقاني في العلل: وسئل - الدارقطني -: " عن حديث أبي الأسود الدؤلي، عن أبي ذر - رضي الله عنه -، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ)) (٢).

فقال - الدارقطني -: يرويه عبدالله بن بريدة واختلف عنه: فرواه سعيد الجريري عن عبدالله بن بريدة، عن أبي الأسود، عن أبي ذر. تفرد به معمر بن راشد عنه وأغرب به ورواه الأجلح بن عبدالله بن بريدة، واختلف عنه:

فرواه الثوري، وعليّ بن صالح، ويحيى القطان، وزهير بن معاوية، وعبدالرحمن بن مغراء أبو زهير، وغيرهم عن الأجلح، عن ابن بريدة، عن أبي الأسود، عن أبي ذر.

ورواه أبو حنيفة، عن الأجلح، واختلف عنه: فرواه المقري، عن أبي حنيفة، عن أبي حجية وهو أجلح، عن ابن بريدة، عن أبي الأسود، عن أبي ذر.

وكذلك رواه محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة، وغيره يرويه عن أبي حنيفة، عن أبي حجية، عن أبي الأسود لم يذكر بينهما ابن بريدة، ورواه ابن عيينة، عن عبدالرحمن المسعودي، عن الأجلح، فقال: ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم والصواب قول من قال: عن أبي الأسود


(١) ابن رجب: شرح علل الترمذي، (ص٣٦٧ - ٣٦٨).
(٢) أخرجه الترمذي على الوجه الصواب: في السنن، كتاب اللباس، باب الخضاب، (ج٤/ص ٢٣٢)، برقم (١٧٥٣)، من طريق الأجلح عن عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود عن أبي ذر به، وقال الترمذي: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".

<<  <   >  >>