منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل

المبحث الأول: المتابعات وأثرها في الترجيح. - المطلب الثاني: أثر المتابعات في الترجيح عند النقاد والإمام الدرقطني - ص: 356

ولم يذكر في الإسناد نعيم بن ربيعة وأرسله، عن مسلم بن يسار عن عمر. وحديث يزيد بن سنان متصل وهو أولى بالصواب والله أعلم، وقد تابعه عمر بن جعثم فرواه عن زيد بن أبي أنيسة كذلك قاله بقية بن الوليد عنه " (١).

قلتُ: هذا الحديث يرويه زيد بن أبي أنيسة، واختلف عليه في الإسناد على وجهين:

١. رواه عنه يزيد بن سنان (٢) مسنداً موصولاً، أي: عن مسلم بن يسار، عن نعيم ابن ربيعة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

٢. ورواه عنه مالك بن أنس لم يذكر في الإسناد نعيم بن ربيعة بين مسلم بن يسار، ... وعمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ثم رجح الدارقطني أنَّ الأولى بالصواب الوجه الثاني من رواية يزيد بن سنان، بسبب متابعة عُمر بن جُعْثُم وهو القرشي الحمصي (٣) ليزيد بن سنان في شيخه زيد بن أبي أنيسة متابعة تامة (٤).

وبهذا الترجيح أعلَّ الدارقطني الحديث، حيث إنَّ الوجه الأول فيه علتان: ضَعْف يزيد ابن سنان، والانقطاع بين مسلم بن يسار، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد أشار إلى ذلك الإمام الترمذي فقال: " هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ ومسلم بن يسار لَمْ يَسْمَعْ من عمر وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ

---

(١) أبو الحسن الدارقطني: العلل، (ج٢/ص٢٢١ - ٢٢٣)، سؤال رقم (٢٣٥).
(٢) هو يزيد بن سنان بن يزيد التميمي الجزري، أبو فروة الرهاوي (ت:١٥٥هـ)، ضعفه أحمد، وقال: أبو حاتم محله الصدق، وقال البخاري: مقارب الحديث، أخرج له الترمذي وابن ماجه، تهذيب التهذيب (ج١١/ص ٢٩٣)، قلتُ: ومثلُ هذا ضعفه محتمل يتقوى بمتابعة غيره له.
(٣) قال الحافظ ابن حجر: مقبول تقريب التهذيب (ج١/ص٧١٣)، قلتُ: يعني عند المتابعة.
(٤) أخرج هذه المتابعة أبو داود: في السنن كتاب السنة، باب في القدر، (ج٢/ص٦٣٩)، برقم (٤٧٠٣)، من طريق بقية قال: حدثني عُمر بن جُعْثُم القُرشي قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة عن عبدالحميد بن عبدالرحمن عن مسلم بن يسار عن نعيم بن ربيعة قال كنت عند عمر بن الخطاب به.