للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الثالث: قال الحافظ ابن حجر في النكت: " ومن ذلك ما رواه من طريق هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْتَسِلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلْيَمَسَّ أَحَدُهُمْ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالْمَاءُ لَهُ طِيبٌ)) (١).

قال - يعني الترمذي -: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

قلتُ - ابن حجر -: وهشيم موصوف بالتدليس، لكن تابعه عنده أبو يحيى التيمي. وللمتن شواهد من حديث أبي سعيد الخدري وغيره رضي الله تعالى عنهم " (٢).

قلتُ: وهكذا قوى الحافظ ابن حجر الحديث الضعيف بسبب عنعنة هشيم وهو ابن بشير أبو معاوية السُلمي (٣)، وهو ثقة ثبت كثير التدليس، بمتابعة أبي يحيى التيمي (٤) وهو ضعيف، فظهر لك أثر المتابعة في تقوية الحديث عند النُّقاد وهو مسلك اتخذه أهل الحديث على اختلاف مذاهبهم.

وبنهاية هذا المطلب ينتهي مبحث المتابعات وأثرها في الترجيح، وقد ظهر جلياً أثر المتابعات في الترجيح عند الدارقطني والنُّقاد المتقدمين، وأنَّ منهج النُّقاد في تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد واحد لم يختلف من إمام لغيره، وقد ظهر لك أنَّ الدارقطني وغيره من النُّقاد كانت نظرتهم للحديث في النقد شمولية من جهتي السند والمتن على السواء، وليس من جانب الإسناد ورجاله فحسب.


(١) أخرجه الترمذي: في السنن، كتاب الجمعة، باب ما جاء في السواك والطيب يوم الجمعة (ج٢/ص ٤٠٧)، برقم (٥٢٨) قال الترمذي: " حديث البراء حَدِيثٌ حَسَنٌ ورواية هشيم أحسن من رواية إسمعيل بن إبراهيم التيمي وإسمعيل بن إبراهيم التيمي يضعف في الحديث ".
(٢) الحافظ ابن حجر العسقلاني: النكت الظراف، (ج١/ص٧٧).
(٣) هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية (ت: ١٨٣ هـ)، ثقة ثبت كثير التدليس من الطبقة السابعة من كبار أتباع التابعين، أخرج له الستة، تهذيب التهذيب (ج١١ /ص ٥٣).
(٤) إسماعيل بن إبراهيم الأحول، أبو يحيى التيمي الكوفي (ت:؟)، ضعيف من الطبقة الثامنة من الوسطى من أتباع التابعين، أخرج له الترمذي وابن ماجه، تهذيب التهذيب (ج١/ص ٢٤٥ - ٢٤٦).

<<  <   >  >>