للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل على أنَّ صاحب الرواية قد حفظ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: " إذا كان في الحديث قصة دل على أن راويه حفظه، والله أعلم " (١).

لقد رجَّح النُّقاد المتقدمون بهذه القرائن عدة أحاديث نذكر منها نموذجاً علي سبيل المثال:

قال ابن أبي حاتم في العلل: " سألتُ أبي وأبا زُرْعَةَ، عن حديثٍ، رواه يحيى بن آدم عن الحسن بن عياش، عن ابن أَبْجَر عن الأسود عن عمر: ((أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيهِ فِي أَوْلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ لاَ يَعُودُ))، هل هو صحيح؟ أو يَرْفَعُهُ حديث الثوري عن الزبير بن عدي عن إِبراهيم عن الأسود عن عمر: ((أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيهِ فِي افْتِتَاحِ الْصَّلاَةِ حَتَى تَبْلغُا مِنْكَبَيهِ)) فقط؟،

فقالا سفيان أحفظ، وقال أبو زُرْعَةَ هذا أصح، يعنى حديث سفيان عن الزبير ابن عدي عن إِبراهيم عن الأسود عن عمر " (٢).

قلتُ: والعلة التي أشار إليها ابن أبي حاتم هنا هي الأثر ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من طريق الحسن بن عياش (٣) وهو ثقة بلفظ: " أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيهِ فِي أَوْلِ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ لاَ يَعُودُ "، وهذا مخالف الأحاديث الصحيحة الواردة في رفع اليدين عند الركوع وبعده.

وقال الزيلعي في نصب الراية بعد ذكر الرواية: " قَالَ الطَّحَاوِيُّ: فهذا عمر لم يكن يرفع يَدَيْهِ أَيْضًا إلاَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ، فَإِنَّ مَدَارَهُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهُوَ ثقة حجة ذكر ذلك يحيى بن معين عنه انتهى، وَاعْتَرَضَهُ الْحَاكِمُ: بِأَنَّ هذه رواية شاذة لا يقوم بها حجة ولا تعارض بها الأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَنْ طَاوُسٍ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ


(١)
(٢) ابن أبي حاتم: كتاب العلل، (ص ٣٥٤ - ٣٥٥)، مسالة رقم (٢٥٦).
(٣) الحسن بن عياش بن سالم الأسدي مولاهم الكوفي (ت: ١٧٢ هـ) (أخو أبى بكر بن عياش)، صدوق، من الطبقة الثامنة، من الوسطى من أتباع التابعين، أخرج له: مسلم والترمذي والنَّسائي، تهذيب التهذيب (ج٢/ص ٢٧٠).

<<  <   >  >>