للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية: " قال صاحب التنقيح: قال أحمد - يعني ابن حنبل-: هذا من أجود حديث المسح على الخفين؛ لأنَّهُ في غَزْوَةِ تَبُوكَ، وهي آخر غزوة غزاها " (١).

قال الترمذي في العلل الكبير: "سألت مُحمدًا - يعني البخاري - فقلت أي الحديث عندك أصح في التوقيت في المسح على الخفين؟، قال: حديث صفوان بن عسال وحديث أبي بكرة (٢) حَسَنٌ، وسألته عن حديث هُشَيْمٍ، عن داود بن عمرو، عن بسر بن عبيدالله، عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف: ((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَسْحِ ...)) الحديث، فقال: هو حَدِيثٌ حَسَنٌ " (٣).

قلتُ: والعلةُ المشار إليها هنا هي تفرد هُشَيْمٌ وهو ابن بشير أبو معاوية السلمي، وهو ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي (٤)، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط، ثم قال: لا يروى عن عوف إلا بهذا الإسناد تفرد به هُشَيْمٌ (٥). وأضف إلى ذلك معارضتهُ لحديث ابن عمر قوله: ((لَيسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَينِ وَقَتٌ، امْسَحْ مَا لمَ تَخَلَعْ)) (٦).

فرجَّح الإمام أحمد حديث هُشَيْمٌ؛ لأنَّهُ في غَزْوَةِ تَبُوكَ، وهي آخر غزوة غزاها رسُول الله صَلَّى اللهِ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَعُلِمَ بذلك أنَّ حديث هُشَيْمٍ كان آخر الأمرين في التوقيت للمسح على الخفين، وبهذا وضحت أهمية تحديد ومعرفة الغزوات في الترجيح بين المرويَّات، ومما يؤيد ذلك ما رواه الدارقطني في السنن: " من طريق بقية ثنا أبو بكر بن أبي مريم ثنا عبدة بن أبي لبابة عن محمد


(١) الزيلعي: نصب الراية، (ج١/ص١٥٢).
(٢) وهو نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبى سلمة، أبو بكرة الثقفى (ت: ٥١ أو ٥٢ هـ بالبصرة)، صحابى جليل، أخرج له الستة، تهذيب التهذيب (ج١٠/ص ٤١٨).
(٣) الترمذي: في العلل الكبير (ترتيب أبو طالب القاضي) (ج١/ص١٨).
(٤) ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب (ج١١/ص٥٣).
(٥) أخرجه الطبراني: في المعجم الأوسط (ج٢/ص٣٣)، برقم (١١٤٥).
(٦) أبو الحسن الدارقطني: السنن، كتاب الطهارة، باب الرخصة في المسح على الخفين وما فيه واختلاف الرويات، (ج١/ ص١٩٦).

<<  <   >  >>