للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مختلف فيه، وشواذ وأفراد، وما أخطأ فيه إمام، وما أخطأ فيه سيء الحفظ يُضعَّف من أجله، وموضوع وضعه من لا دين له ... ، فأما الحديث الصحيح المعلول فالعلة تقع للأحاديث من أنحاء شتى لا يمكن حصرها، فمنها أن يروي الثقات حديثا مرسلاً وينفرد به ثقة مسنداً، فالمسند صحيح وحجة، ولا تضره علة الإرسال " (١)

قلتُ: ثم ضرب بعض الأمثلة التي تبين مقصده، والخلاصةُ في ذلك: أنًّ الحديث قد يُروى مرسلاً، ويروى موصولاً كذلك، لكنَّ الموصول أصح عند النَّظر في القرائن والأدلة، ولم يقصد ما ذهب إليه بعض المتأخرين من الفقهاء من إطلاق الحكم في أنَّ بعض العلل لا تقدح، بل الناظر في الأمثلة التي ضربها تدل على أن مذهبه مثل المتقدمين في أنَّ العلة كلها تقدح في الحديث بلا ريب، إذا ثبتت العلة، أولم يكن ثَمَّ ترجيح بين الرِّوَايات المختلفة.

وأما لفظة: " علةٌ غير قادحة "، فقصدهم فيها العلة التي تقدح في الإسناد، ولا تقدح في متن الحديث لثبوت المتن من رواية أخري صحيحة، كما مَثَّل لذلك السيوطي فقال: " وقد يقدح في الإسناد خاصة ويكون المتن صحيحاً، كحديث يعلى بن عبيد عن الثوري عن عمرو بن دينار حديث: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ)) (٢)، غلط يعلى إنما هو عبدالله ابن دينار ... هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان كأبي نعيم الفضل بن دُكَين، ومحمد ابن يوسف الفريابي، ومخلد بن يزيد وغيرهم " (٣).


(١) أبو يعلى الخليلي: خليل بن عبدالله بن أحمد بن إبراهيم القزويني (ت: ٤٤٦ هـ)، الإرشاد في معرفة علماء الحديث، طبع مكتبة الرشد، الرياض الطبعة الأولى ١٤٠٩هـ، تحقيق: د. محمد سعيد عمر إدريس، (ج١/ ١٥٧ - ١٦٣).
(٢) أخرجه أحمد في المسند، من طريق سفيان عن عبد الله بن دينار (ج٢/ص٩)،برقم (٤٥٦٦).
(٣) السيوطي: عبدالرحمن بن أبي بكر الخضري (ت: ٩١٠ هـ)، تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، تحقيق: عبدالوهاب عبداللطيف (ج١/ ص٢٥٤).

<<  <   >  >>