وأما لفظة:" علةٌ غير مؤثرة "، فالمراد منها أنَّه ثبت أنَّ الراجح فيها صحة الرواية فلم تؤثر هذه العلة على الحديث حيث زالت شبهة أنه معلول، ومثاله قول الإمام الذهبي:" فإن كانت العلة غير مؤثرة، بأن يرويه الثبت على وجه، ويخالفه واه، فليس بمعلول، وقد ساق الدارقطني كثيراً من هذا النمط في كتاب العلل، فلم يصب؛ لأنَّ الحكم للثبت فإن كان الثبت أرسله مثلاً، والواهي وصله، فلا عبرة بوصله لأمرين: لضعف راويه؛ ولأنَّه معلول بإرسال الثبت له.
ثم اعلم أنَّ أكثر المتكلم فيهم ما ضعفهم الحفاظ إلا لمخالفتهم للأثبات، وإن كان الحديث قد رواه الثبت بإسناد، أو أوقفه، أو أرسله، ورفقاؤه الأثبات يخالفونه، فالعبرة بما اجتمع عليه الثقات، فإنَّ الواحد قد يغلط، وهنا قد ترجح ظهور غلطه فلا تعليل، والعبرة بالجماعة، وإن تساوى العدد، وإن اختلف الحافظان، ولم يترجح الحكم لأحدهما على الآخر، فهذا الضرب يسوق البخاري ومسلم الوجهين منه في كتابيهما، وبالأولى سَوْقُهما لما اختَلَفا في لفظِهِ إذا أمكن.
ومن أمثلة اختلاف الحافظين: أن يسمي أحدهما في الإسناد ثقة، ويبدله الآخر بثقة آخر أو يقول أحدهما: عن رجل، ويقول الآخر عن فلان، فيسمي ذلك المبهم، فهذا لا يضر في الصحة، فأمَّا إذا اختلف جماعة فيه، وأتوا به على أقوال عدة، فهذا يوهن الحديث، ويدل على أنَّ راويه لم يتقنه، نعم لو حَدَّثَ به على ثلاثِة أوجهٍ تَرجعُ إلى وجهٍ واحد، فهذا ليس بمُعْتَلّ كأن يقول مالك، عن الزهري، عن ابن المسَّيب، عن ... أبي هريرة ويقول عقيل: عن الزهري، عن أبي سلمة، ويرويه ابن عيينة: عن الزهري، عن سعيد، وأبي سلمة معا " (١).
قلتُ: فأمَّا قولهُ رحمه الله: " وقد ساق الدارقطني كثيراً من هذا النمط في كتاب العلل، فلم يصب ... "، فليس بصواب؛ لأنَّ ذكر رواية الضعيف من باب ذكر الأوجه التي وردت