فقال - الدارقطني -: هو حديث رواه عبدالله بن بريدة واختلف عنه: فرواه داود بن أبي الفرات وهو ثقة عن ابن بريدة، واختُلِف عن داود فقال: يعقوب الحضرمي، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود، ووهم في ذكر يحيى بن يعمر في إسناده لكثرة من خالفه من الثقات الحفاظ عن داود منهم: عفان بن مسلم، وعبدالصمد بن عبدالوارث، وزيد بن الحباب، ويونس بن محمد المؤدب، وأبو عبدالرحمن المقري، وأبو الوليد الطَّيالسي، وشيبان بن فروخ وغيرهم، فإنَّهم رووه عن داود، عن ابن بريدة، عن أبي الأسود لم يذكروا بينهما أحداً. وكذلك رواه سعيد بن رزين، عن عبدالله بن بريدة، عن أبي الأسود كرواية الجماعة عن داود. ورواه عمر بن الوليد، عن عبدالله بن بريدة مرسلاً، عن عمر لم يذكر بينهما أحداً. والمحفوظ من ذلك ما رواه عفان ومن تابعه عن داود بن أبي الفرات، وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح مثل ما رواه عفان، عن داود، عن ابن بريدة، عن أبي الأسود، والله أعلم " (١).
قلتُ: ووجه العلة التي أشار إليها الدارقطني أنَّ يعقوب الحضرمي أدخل في الإسناد يحيى بن يعمر بين عَبْدِاللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وأَبِي الأَسْوَدِ، وهو وهم؛ لأنَّه خالف رواية جماعة من الثقات منهم عفان بن مسلم وغيره، كما أخرجه البخاري فقال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ هُوَ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ:((قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ: فَقُلْتُ وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ. فَقُلْنَا وَثَلاثَةٌ قَالَ: وَثَلاثَةٌ، فَقُلْنَا وَاثْنَانِ قَالَ: وَاثْنَانِ ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ)).
(١) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٢/ ص ٢٤٨ - ٢٤٩) سؤال رقم (٢٤٧).