والأمر الثاني: أن أكثر الناس لا يبالي ولا يعتني, ولا يتحفظ, بل قد يدوس الأذى, ويدخل فيقذر على الناس فرشهم, وينفرهم من الصلاة في الجماعة، أما في العهد الأول كانت الفرش غير موجودة, كانوا يصلون على الحصباء والرمل, وهذه تتحمل أكثر، تتحمل من الغبار ما لا تتحمله الفرش.
وفي كل حال إذا كانت سليمة فالصلاة فيها جائزة, ولا حرج فيها مطلقاً, بل هي الأفضل إذا كانت سليمة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الْيَهُودَ والنصارى لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا خِفَافِهِمْ فخَالِفُوهم»(١)، فهو من مخالفة أهل الكتاب.
وفيه من الدلالة على أن الدين فيه فسحة، وأنه ليس فيه حرج, والإنسان قد يحتاج للخفين, يلبسهما في الشتاء, ويمسح عليهما, ولا يستطيع خلعهما؛ لأنه إذا خلعهما بطل وضوؤه فيصلي فيهما ولو كان فيها فرش يعتني بهما عند الدخول, ويلاحظهما عند الدخول حتى لا يكون فيهما أذى ويصلي فيهما كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والحديث الثاني: حديث أبي قتادة الحارث الربعي الأنصاري رضي اللَّه تعالى عنه: «أَنَّ النبي - عليه الصلاة والسلام - كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ
(١) انظر: سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم ٦٥٢، ومسند البزار، ٨/ ٤٠٥، برقم ٣٤٨٠، وصحيح ابن حبان، ٥/ ٥٦١، برقم ٢١٨٦، والحاكم في المستدرك، ١/ ٢٥٩، وصححه ووافقه الذهبي، والطبراني في المعجم الكبير، ٧/ ٢٩٠، برقم ٧١٦٥، كلها بذكر اليهود، ودون ذكر للنصارى، وصححه الشيخ الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان،٤/ ٥٩.