أَصَابَ النُّسُكَ»، أي فعل مثلنا، صلى كما صلينا، ونسك أي ذبح مثل ما ذبحنا بعد الصلاة، فقد أصاب النسك، النسك: الذبح «ومن نسك قبل الصلاة»، أي ذبح قبل الصلاة «فلا نسك له»، أي غير مجزئة الضحية، التي ذبحها يوم عيد النحر قبل الصلاة، فَقَالَ له أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ - خَالُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي عَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي، يعني ضحيتي، قال: فَذَبَحْتُها قبل الصلاة، وَتَغَدَّيْتُ، قَالَ النبي:«شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ» يعني: لا تجزئ، فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عِنَاقاً، هِيَ أَحَبُّ إلَينا مِنْ شَاتَيْنِ، قالَ:«اذبحها، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»(١)،
هذه خاصة بأبي بردة، وهي العناق التي لم تبلغ السن الثنية، يعني سنة كاملة، قال أهل السنة: تجزئ عنه وحده، ولم تجزئ عن أحدٍ بعده، هذا يدل على أنه من خصائصه، من خصائص أبي بردة بن نيار، أما غيره فلابد أن تكون مسنة تمت لها سنة، وهي الثنية من المعز، أما الضأن، فيجزئ منه الجذع إذا صار جذعاً أكمل ستة أشهر، أجزأ من الضأن، ومن البقر لا يجزئ إلا ما تم له سنتان، ومن الإبل ما تم له خمس سنين في الضحايا والهدايا، وفي هذا من الفوائد: أنه يجوز في الشّرع التخصيص لإنسان أو جماعة بحكم لحكمة بالغة؛ ولهذا جاء في هذا تخصيص أبي بردة بن نيار في هذا العمل، وهو ذبيحة العناق لما كان غلط، وضحى قبل الصلاة، رخص له في ذلك، وصارت
(١) رواه البخاري، برقم ٩٥٥، ومسلم، برقم ١٩٦١، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم ١٤٩ ..