من الإبل، وهذا يُعطى كذا، نفَّل لهم تأليفاً لقلوبهم، ولِما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من إعطاء المؤلفة قلوبهم، وكما فرض اللَّه لهم في الزكاة تأليفاً لقلوبهم، وحتى يستقيموا على الدين، وحتى يسلموا للَّه، وحتى يقوى إيمانهم؛ لأنهم رؤوساء مَتبعون، فلما فعل ذلك - عليه الصلاة والسلام -، وجد الأنصار في أنفسهم بعض الشيء، قالوا: يعطي هؤلاء ويدعنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم يوم حُنين، فلما بلغه ذلك جمعهم - عليه الصلاة والسلام -، وخطبهم وقال:«يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَاّلاً فَهُدَاكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَمُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي؟» كلما قال شيئاً قالوا: اللَّه ورسوله أمنّ، يعني المنَّة للَّه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، أنت صادق، قال - عليه الصلاة والسلام -: «أَمَا إنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا: أجبتموني، لو شئتم لأجبتموني»، ولكن تأدبوا ولم يجيبوا - رضي الله عنهم - وأرضاهم، وفي رواية: أنه قال: «لَوْ شِئْتُمْ لقُلْتُمْ: جِئْتَنَا طَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ, وَفَقِيراً فَوَاسَيْنَاكَ، وَذَلِيلاً فَنَاصَرْنَاكَ»، لكنّهم لم يقولوا هذا تأدباً مع النبي - رضي الله عنهم -، جاء من مكة هارباً من أهل مكة، هارباً من القتل، فأواه الأنصار، وآووا أصحابه، ونصروهم، وأشركوهم في أموالهم - رضي الله عنهم - وأرضاهم. كما قال - عز وجل -: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}(١)
- رضي الله عنهم - وأرضاهم، ثم قال: يا معشر الأنصار: سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ، أي