للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

سوف تجدون بعدي من يستأثر عليكم في الأموال من الولاة فاصبروا، ثم قال: «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أو شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبعيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى رِحَالِكُمْ؟» أي إلى المدينة، ثم قال: «الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ» (١) , الشعار ما يلي الجسد, والدثار ما فوق ذلك.

فرضوا - رضي الله عنهم - وأرضاهم، واطمأنوا بهذا الكلام، الذي قاله لهم - عليه الصلاة والسلام -، وزال ما في النفوس من بعض الأحداث، الذين تكلموا في هذا - رضي الله عنهم - وأرضاهم.

المقصود أنه بيَّن لهم ميله إليهم، ومحبته لهم، ومنزلتهم عنده، أنه لولا الهجرة لكان امرأً من الأنصار - رضي الله عنهم - وأرضاهم، فقال: «الأنصار شعار والناس دثار، لو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبهم»، كل هذا فيه تطييب لنفوسهم، والدلالة على منزلتهم العظيمة عنده، ليذهب ما في قلوب بعض شبابهم من التأثر.

وفي هذا دلالة، أنه ينبغي لولاة الأمور عند وجود الاعتراض من بعض الناس، وعند وجود نزاع من بعض الناس، أن يُبيّنوا العلَّة، وأن يستطيبوا النفوس، وأن يُطفئوا الفتنة بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وبيّن لهم - صلى الله عليه وسلم - أنه أعطى أولئك الرؤساء يتألفهم على الإسلام، ليجمع قلوبهم عليه، لئلا يختلفوا، ولئلا ينكروا، المال


(١) رواه البخاري، برقم ١٠٥٩، ورقم ١٠٦١، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم ١٨١.

<<  <   >  >>