والحديث الثالث تقول - رضي الله عنها - عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»(١)، هذا حديث عظيم يدل على أن من مات وعليه صيام يُشرع لأوليائه، وهم القرابة، الولي: القريب، يُشرع لهم أن يصوموا عنه، كأن يموت وعليه نذر، نذر طاعة، أو صوم كفارة، أو قضاء من رمضان لم يصمه، وهو يستطيع الصيام، ولكن تساهل، وأخّر القضاء؛ فإن المشروع لأوليائه أن يقضوا عنه: أولاده، إخوانه، غيرهم من أقاربه، زوجته، ولو صام عنه غير قريب أجزأه؛ لأنه دَيْن، واللَّه أحق بالقضاء، والدين يقضيه القريب وغير القريب، لكن أقاربه أولى وأفضل؛ لما فيه من الإحسان إليه وصلة رحمه، فإن لم يتيسر من يقضي عنه، أُطعم عنه عن كل يوم مسكيناً.
أما قول أبي داود عن أحمد أنه في النذر خاصة، فقولٌ ضعيف، وهو قول مرجوح، فالصواب أنه عام يعم النذور ورمضان، لأن الرسول عمم، قال:«من مات وعليه صيام»، فهذه نكرة في سياق الشرط، تعم جميع أنواع الصيام الواجب, تعم الكفارة والنذر ومن رمضان, فالحديث يعم الجميع، فلا يجوز تخصيصه بالنذر إلا بدليل، وليس هناك دليل، وقد ثبت في حديث ابن عباس في مسند أحمد: أن امْرَأَةً، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، وَعَلَيْهَا صَوْمٌ مِنْ رَمَضانَ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: «أفَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ
(١) رواه البخاري، برقم ١٩٥٢، ومسلم، برقم ١١٤٧، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم ١٩٧.