للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا أوقعهم في الإثم، لكن يدل على أنه مكروه رفقاً بهم، ورحمةً لهم، فلا ينبغي لهم أن يواصلوا، ويكره لهم أن يواصلوا لهذا الحديث الصحيح، الذي فيه النهي عن ذلك، والزجر عن ذلك، رحمةً للعباد، وإحساناً إليهم، ورفقاً بهم، وتيسيراً عليهم من اللَّه - سبحانه وتعالى -.

وفي حديث عبداللَّه بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أنَّه بلَغَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنّه يقُولُ: «لأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقَالَ له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَنْتَ قُلْتَ ذَلِكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، معنى بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي: يعني أفديك بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فقَالَ: «إِنَّكَ لا تُطِيقُ ذَلِكَ»، الإنسان يتعب من هذا، كونه يصوم يوماً ويفطر يوماً دائماً، هذا فيه مشقة؛ ولهذا قال: «إِنَّكَ لا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا»، يعني يكفيك هذا، تصوم يوماً، وتفطر يوماً [...] (١) حسب التيسير، وتصوم من الشهر ثلاثة أيام، فالحسنة بعشر أمثالها، ثلاثة أيام بثلاثين، كأنه صام الدهر، قال: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: «صُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْمين»، قال: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قال: «فَصُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْماً، قال: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: «لا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» (٢)، يعني: هَذَا هُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ، صَوْمُ دَاوُد - عليه السلام -، كان يصُومُ يَوْماً، وَيَفْطِرُ يَوْماً.


(١) ما بين المعقوفين: كلمة ليست واضحة في التسجيل، لكنها لا تؤثر في المعنى.
(٢) البخاري، برقم ١٩٧٦، ومسلم، برقم ١١٥٩، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم ٢٠٣.

<<  <   >  >>