شرعية الاعتكاف، وأنه من سنته - صلى الله عليه وسلم -، وأنه باقٍ لم ينسخ؛ ولهذا فعله الصحابة بعده، فدّل ذلك على أنه سُنة باقية، واستقر فعله - صلى الله عليه وسلم - على أنه يعتكف في العشر الأخيرة من رمضان، وكان قد اعتكف العشر الأُوَل، ثم اعتكف العشر الأوسط، يلتمس ليلة القدر، ثم قيل له: إنها في العشر الأخيرة، فاستقر اعتكافه في العشر الأخيرة من رمضان, وبيّن - صلى الله عليه وسلم - أن هذه الليلة، وهي ليلة القدر تكون في العشر الأخيرة من رمضان.
وفيه أيضاً الدلالة على شرعية اعتكاف النساء كالرجال، وأن الاعتكاف يشرع للجميع: للرجال والنساء, ومحلُّه المساجد، كما قال تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}(١)، وإذا اعتكفت المرأة في المسجد، فلا بد أن يكون ذلك على وجه ليس فيه فتنة، في محل مصون، ليس فيه فتنة.
وفي الحديث الثاني: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان ربما أدلى لها رأسه تُرجِّله، وهو معتكف، وهي حائض، فدّل ذلك على أن خروج بعض الإنسان من المسجد لا يحكم عليه بالخروج, إذا خرج رأسه، أو خرجت يده، أو رجله، لا يخرج الكل، فالمعتكف لا يسمى خارجاً إلا إذا خرج برجليه كله، أما إذا مدَّ رأسه، أو مدَّ رجله ما يُسمَّى خارجاً.
وفيه دليل على جواز استخدام الحائض، لا بأس أن تستخدم، تغسل رأسه، وتصب عليه الماء، أو تقرّب له متاعه، كل ذلك لا