والتمتع في الحج هو أن يعدّ من أول الحج، وأنه يُحرم بالعمرة والحج جميعاً، ويسمَّى قارناً، أو يُحرم بالعمرة، ثم إذا تحلَّل منها في أشهر الحج بعد رمضان، إذا طاف وسعى وقصّر حَلّ، ثم أحرم بالحج في وقته في اليوم الثامن من ذي الحجة، كما فعل أصحاب النبي - عليه الصلاة والسلام - بأمره، وهذا هو الأفضل, أفضل من القران كونه يُحرم بالعمرة بعد رمضان في شوال، أو في ذي القعدة، أو أول ذي الحجة، ثم يتحلَّل منها بالطواف، والسعي، والتقصير، ثم يُلبّي بالحج في وقته، هذا هو التمتّع الكامل، وهذا هو الأفضل، والذي أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، وأمرهم به إذا ما كان معهم هدي: أي ما ساقوا هدياً من بلادهم، ولا من الطريق، هذا هو السُّنة لهم أن يطوفوا, ويسعوا, ويقصّروا ويجعلوها عمرة، حتى لو كانوا سمَّوا بالحج عند الإحرام يفسخوه إلى عمرة، ولو كانوا سمّوا حجاً وعمرة جميعاً يجعلوها عمرة، كما دلّ عليه حديث ابن عمر المذكور هنا، فإن الصحابة منهم من أحرم بالحج من ذي الحليفة، ومنهم من أحرم بالحج والعمرة جميعاً قِراناً، ومنهم من أحرم بالعمرة وحدها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالحج والعمرة جميعاً، أهّل بالحج والعمرة جميعاً، وقال لبيك عمرةً وحجاً، كما ذكر ابن عمر، وذكره غيره.
فلما وصل مكة - عليه الصلاة والسلام -، لما دنا من مكة، قال للناس الذين أحرموا بالعمرة، أو بالحج وحده، أو بهما جميعاً: «اجْعَلُوهَا