وزعمت (١) أنها أرضعتهما، فأمره النبي بفراقها، يدل على أنه رضاع ثابت، والأحاديث المجملة في الرضاعة تُفسَّر بالأحاديث المفصلة، لأن السنة يفسر بعضها بعضاً، كالقرآن يفسر بعضه بعضاً.
والحديث الثالث: حديث البراء بن عازب في قصة حمزة لما خرج من مكة عام عمرة القضاء في سنة سبع للهجرة: تبعته ابنة حمزة بمكة: حمزة بن عبدالمطلب عم النبي - عليه الصلاة والسلام -: تنادي: «يا عم يا عم» تريد أن يأخذوها، فأخذها علي وسلمها لفاطمة، وقال: دونك ابنة عمِّك، ثم اختصموا في حضانتها: من يتولاها. فقال عليٌّ:«أنا أحق بها، وهي ابنة عمي»، وقال جعفر:«أنا أحق بها، وخالتها تحتي»، وقال زيد بن حارثة:«هي ابنة أخي»، فقضى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - عند خالتها، قال:«الخالة بمنزلة الأم» , وقال لعلي:«أنت مني، وأنا منك»، وقال لجعفر:«أشبهت خلقي وخلقي»، وقال لزيد:«أنت أخونا ومولانا»، فطيب نفوسهم بكلمات طيبة - عليه الصلاة والسلام -، وحكم بها لخالتها، فدلّ على أن الخالة في الحضانة مقدمة على أولاد العم، وأنها بمنزلة الأم، هي أولى بحضانة البنت الصغيرة حتى تبلغ، هي أولى بها، وأرفق بها، وأعطف عليها من بني عمها، وأضمن عليها أيضاً؛ لأنه قال:«الخالة بمنزلة الأم»، وفي هذا فضل علي، وجعفر، وزيد - رضي الله عنهم -، فالنبي قال لعلي:«أنت مني، وأنا منك»، هو ابن عمه، وأخوه في الإسلام، وقال لجعفر:«أشبهت خلقي وخلقي»،