وبيع الرهن غير جائز؛ لأنه وثيقة بحق المرتهن, فإن اتفقا على بيعه ليقضيه حقه من ثمنه جاز.
فإن كان الدين مؤجلا, فأذن المرتهن للراهن في بيعه قبل محل أجل الدين, فقد خرج بذلك من الرهن, ولا يستحق المطالبة بدينه, إلا عند محل أجله.
ولا يستحق أخذ ثمنه ليكون رهنا في يده, ولا مطالبة الراهن برهن يكون مكانه؛ لأن المرتهن اختار إخراجه من الوثيقة, فإن شاء الراهن تعجيل قضاء الدين قبل محله كان ذلك له, وكان به متطوعا.
ولو وكل الراهن المرتهن في بيع الرهن, إن حل الأجل ولم يقضه, كان له بيعه عند محل أجل الدين, إذا امتنع الراهن من الأداء بعد المحل, وقبض حقه من ثمنه. فإن لم يوكله في بيعه لم يجز له أن يبيعه, وإن حل أجل الدين, إلا بإذن الراهن أو الحاكم. فإن وكله ببيعه, ثم فسخ وكالته قبل محل الأجل بغير علمه, كان فسخا صحيحا.
قال: ولا ينبغي له أن يحتال له ويخدعه, وفيه وجه آخر؛ لأنه ليس له فسج الوكالة, ولا إخراجه عنه؛ لأن فيه إبطال حقه من التصرف واستيفاء الدين. وقد منع أحمد بن حنبل رضي الله عنه من الحيلة في غير موضع من كتبه, والأول هو المنصوص عنه.
ولو تصدق الراهن بالدار الرهن, أو وقفها لم يجز, وكان فعله باطلا. ولو قيل: إن عتق العبد الرهن لا يجوز, كما لم يجز وقف الدار الرهن, كان وجها. ولو رهنه رهنا بدين, وله عنده دين آخر بغير رهن, كان الرهن وثيقة بما رهن به دون غيره, ولم يكن للمرتهن حبسه بالدين الذي لا رهن به.
ويُمنع الراهن من وطء الأمة الرهن, فإن أقدم على ذلك أساء, فإذا أتت بولد خرجت من الرهن, ولزمه أن يأتي بقدر قيمتها لتكون رهنا مكانها.
قال: فإن رهنه رهنا وأذن له في إعارته وإكرائه جاز له أن يعيره ويكريه. والأجرة