ومن وجد لقطة من عين أو ورق عرفها في الأسواق على أبواب المساجد في أوقات الصلوات سنة, فإن جاء ربها فوصف عفاصها, ووكاءها, ونقدها, دُفعت إليه بغير بينة, وإن لم يأت ربها بعد تمام الحول كان للاقط التصرف فيها إن شاء بالإنفاق لها, وإن شاء بالصدقة بشرط الضمان في الموضعين, في الصحيح من قوله.
وقد لوَّح في موضع أنه إذا أنفقها بعد الحول والتعريف لم يضمنها؛ لحديث مطرف بن عبدالله عن عياض بن حمار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة, فقال:" يُعرِّف, ولا يُغيِّب ولا يكتم, فإن جاء صاحبها, وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء".
والصحيح أن يضمنها؛ لحديث الضحاك بن عثمان عن أبي النضر عن بُسر ابن سعيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة, فقال:" عرِّفها سنة, فإن جاء باغيها, فأدِّها إليه". وهذا الحيث أولى؛ لأن حديث عياض بن حمار ليس فيه بيان مدة التعريف, ولا فيه أيضا بيان سقوط الضمان عن الملتقط بعد الإنفاق لها, فهو أولى.
فمتى جاء ربها وقد أنفقها المتلقط كان عليه غرامة مثلها. وإن كان قد تصدق بها, خُير ربها بين غرامتها له وبين الأجر, فكان له ما اختار منهما.