ولو أسر بالغ من الرجال الأحرار من الفئة الباغية, وحبس إذا خشي منه, ليكف شره عن المسلمين, جاز.
ولو خاف الإمام العادل الضعف كان له تأخير قتالهم حتى تمكنه القوة عليهم.
ولو استعان أهل الفئة الباغية بأهل الحرب على قتال أهل العدل, قتل أهل الحرب وسبوا, ولا تكون استعانة البغاة بهم على قتال أهل العدل, أمانا لهم.
قال أصحابنا: ولو كان لهم أمان فقاتلوا أهل العدل, كان نقضا لأمانهم.
فإن استعان أهل البغي بأهل الذمة على قتال أهل العدل, فقاتلوا معهم, فعلى وجهين: أحدهما ذلك نقض لعهدهم؛ لأن من قاتل المسلمين من أهل العهد فقد عاد حربيا. والوجه الآخر: لا يكون ذلك نقضا لعهدهم. والأول أظهر, إلا أن يدعوا الجهل, فيقولوا: كنا نرى إذا حملتنا طائفة من المسلمين على أخرى أن قتالها مباح, كما إذا حملنا المسلمون على قتال قطاع الطريق. أو قالوا: لم نعلم أن من حملونا على قتالهم مسلمون, فلا يكون هذا نقضا للعهد وجها واحدا. ويؤخذون بكل ما أصابوا من دم أو مال.
وإن قتل رجل من أهل العدل ذا رحم محرم من أهل البغي, أو قتله الباغي في المعترك, قال بعض أصحابنا: إنهما يتوارثان. وحكاه عن أحمد ولم يسم ناقل المسألة عنه.
والذي يقتضيه المذهب عندي: أن العادل إذا قتل الباغي في المعترك ورثه؛ لأن التأويل يسعه, كما لو أقاده بوليه لم يكن القود مانعا من الميراث. وكما قال أحمد فيمن شهد على ذي رحم محرم منه بالقتل أو الزنى فقتل بشهادته: إنه لا يكون بذلك قاتلا ويرثه.
ومن أريد ماله أو دمه أو حريمه, فله أن يقاتل ويدفع عن نفسه, وإن أتى ذلك الدفع على نفس من أراده, وإن قتل هو كان شهيدا, قال رسول الله صلى الله عليه