للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والولد فيقول: أيكم الأب؟ لا يعرفون الأب من الابن فقال إبراهيم: ربي اجعل لي شيئًا أعرف به فأصبح رأسه ولحيته أبيضان.

ومن رأفته بهذه الأمة وشفقته عليهم ما رواه الترمذي عن ابن مسعود رفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر".

وفي رواية عن وهب بن منبه عن أيوب الأنصاري وفيه "فرأيت إبراهيم فرحب وسهل ثم قال: مر أمتك فليكثروا من غرس الجنة، فإن ترابها طيبة، وأرضها واسعة، فقال: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا باللَّه". وفي لفظ للبيهقي عن ابن مسعود، وفيه "فقال لي إبراهيم: مرحبًا بالنبي الأمى الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته يا نبي إنك لآيه ربك الليلة، وإن أمتك آخر الأمم وأضعفها، فإن استطعت أن تكون حاجتك أوجلها في أمتك فافعل".

وأما أخلاقه الكريمة وسننه المرضية التي لم تكن لأحد قبله، وصارت شرائع لمن بعده فهو صلى اللَّه عليه وسلم خليل الرحمن، وأبو الضيفان، والمحبول له لسان صدق في الآخرين، فليس أحد من الأمم إلا وألسنتهم تجري بتصديقه وفضله وتبجيله وتعظيمه وتوقيره وذلك بفضل دعائه حيث قال: واجعل لي لسان صدق في الآخرين وهو المبتلى بأنواع البلاء بقوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: ١٢٤]، والمشهور بالوفاء بقوله تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: ٣٧] والأمة والقانت بقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} [النحل: ١٢٠] أي معلما

للخير واجتمع فيه من أنواع الخير وخلال الفضل ما لم يعلمه إلا اللَّه تعالى وأدّى رشده قبل بلوغه فدعى الخلق إلى الحق بلسان الحجة من صغره إلى كبره بقوله عز وجل: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ} [الأنعام: ٨٣] وهو أول من

<<  <  ج: ص:  >  >>