سماه اللَّه حنيفًا وبرأه من دعاوي اليهود والنصارى وشهد له بالإخلاص بقوله تعالى:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران: ٦٧] وهو الكفيل لأطفال المسلمين وقائد أهل الجنة، وهو الذي بنى الكعبة البيت الحرام، وأول من كسَّر الأصنام، وأقام مناسك الحج، وضحى، وألقي في النار في ذات اللَّه تعالى، فجعلها اللَّه عليه بردًا وسلامًا "وأحيا" الموتى بسؤاله وأول من يكسى حلة بيضاء يوم القيامة، ويوضع له منبر عن يسار العرش، وأول من خطب على المنابر، كما ورد في الحديث من رواية معاذ أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال:"إن اتخذ المنبر فقد اتخذه إبراهيم، وإن أتخذ العصا فقد اتخذها إبراهيم عليه السلام".
وقد تقدم أنه أول من سمانا المسلمين، وأول من صافح وعانق وقبل بين العينين وأول من لبس النعلين وأضاف الضيف، وضرب بالسيف وثرد الثريد، وقسم الفيء وختن نفسه، وشاب وأول من قصَّر شاربه، وفرق شعره، وقلم أظافره، ونتف إبطه واستنجى وتمضمض، واستنشق بالماء، واغتسل للجمعة، وهاجر في دين اللَّه تعالى ورفع يديه في الصلاة في كل رفع وخفض وصلى في أول النهار أربع ركعات، وجعل من على نفسه فسماه اللَّه وفيًا، وهو الذي جعل مقامه قبلة للناس، وأمر محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو خير الأنبياء وأمته أفضل الأمم، أن يتبعوا ملته، وأن يتخذوا من مقامه مصلى وسماه اللَّه تعالى حليمًا، والحليم الرشيد الذي يملك نفسه عند الغضب، والأواه الذي يكثر التأوه من الذنوب، والمنيب الذي يقبل على ربه عز وجل في شأنه كله.
وعلى ذكر عمره -صلى اللَّه عليه وسلم- وقصته عند موته وكسوته يوم القيامة أقول: روى صاحب كتاب الأنس بسنده إلى أبي حذيفة قال: