لله تعالى ومحبة الله لعبده إرادته إيصال الخير له والتكريم وخص اسم الرحمن دون غيره من أسماء الله الحسنى لأن كل اسم منها إنما يذكر في المكان اللائق به كقوله تعالى {استغفروا ربكم إنه كان غفارا} وكذلك هنا ولما كان جزاء من يسبح بحمده تعالى الرحمة ذكر في سياقها الاسم المناسب لذلك وهو الرحمن والكلمتان خفيفتان على اللسان للين حروفهما وسهولة مخارجهما فالنطق بهما سريع وذلك لأنه ليس فيهما من حروف الشدة المعروفة ولا من حروف الاستعلاء أيضا سوى حرفين "الباء والظاء" وقد اجتمعت فيهما حروف اللين الثلاثة "الألف والواو والياء" وبالجملة فالحروف السهلة الخفيفة فيهما أكثر من العكس واختلف في قوله "ثقيلتان في الميزان" فقيل الثقل حقيقة كما هو مذهب أهل السنة لكثرة الأجور المدخرة لقائلهما والحسنات المضاعفة للذاكر بهما فالموزون نفس الكلمات لأن الأعمال تتجسم وقيل الموزون صحائفها لحديث البطاقة المشهور ووصف الكلمتين بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب وفي هذا الوصف إشارة إلى أن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفوس وهذه خفيفة سهلة عليها مع أنها تثقل في الميزان وقد روي في الآثار أن عيسى عليه الصلاة والسلام سئل ما بال الحسنة تثقل والسيئة تخف فقال لأن الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت فلا يحملنك ثقلها على تركها والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت عليك فلا يحملنك على فعلها خفتها فإنما بذلك تخف الموازين يوم القيامة "سبحان الله وبحمده" أي أسبح الله تسبيحا يختص به وأنزهه عن كل ما لا يليق به تنزيها متلبسا بحمدي له من أجل توفيقه لي وقدم التسبيح على التحميد تقديما للتخلية وختم بقوله "سبحان الله العظيم" ليجمع بين مقامي الرجاء والخوف إذ معنى الرحمن يرجع إلى الإنعام والإحسان فيقتضي الرجاء ومعنى العظيم يشعر بالقوة
والغلبة فيقتضي الخوف من هيبته تعالى وفي رواية "سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده" وكرر التسبيح دون التحميد اعتناء بشأن التسبيح لكثرة المخالفين فيه قال الحافظ وجاء ترتيب هذا الحديث على إسلوب عظيم وهو أن حب الرب سابق وذكر العبد وخفة الذكر على لسانه تال ثم