للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-[المعنى العام]-

الصلاة مناجاة للرب، ووقوف بين يديه، تضرع ودعاء، وتسبيح وذكر واستغفار، إن هي أديت كما ينبغي تجلو القلوب من خبث الغل والحق والحسد والظن السيئ وتصفى النفوس من الحرص والتكالب على متاع الحياة الدنيا، وتحصن المسلم ضد شهوات النفس، ووساوس الشيطان ومغرياته وقد شاءت حكمة الله ورحمته بالمؤمنين أن يوزع هذا الدواء الروحي على ساعات الليل والنهار، خمس صلوات في كل يوم وليلة، ليرجع المؤمن إلى ربه بين الحين والحين، وكلما جذبه الشيطان ناحية الشر جذبته الصلاة ناحية الخير، يخطئ فيغفر له، فهي في يسرها وقربها من العبد ومحوها للخطايا كنهر يجري بالماء أمام البيت، يغتسل فيه جاره خمس مرات في كل يوم وليلة. كما علق به التراب، أو لحق به العرق، أو أصابه قذر الطريق، قام الغسل بإزالة كل ذلك، وأعاد إليه النضارة والنظافة والصفاء.

سؤال وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ليعرفوا قدر الصلاة وأثرها فيحرصوا عليها ويحافظوا على أدائها، سؤال من واقع حياتهم، وهم الذين يعتزون بالماء، ويعرفون قدر الاغتسال به، يقول لهم: أخبروني لو أن نهرا من الماء العذب الصافي، يجري أمام بيت أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات. هل يبقى على جسده وسخ؟ فيقولون بداهة: لا. لا يبقى من وسخ على الجسم، فيقول: ذلك مثل الصلوات الخمس، تطهر المسلم بين الحين والحين، والصلاة إلى الصلاة تكفر ما بينهما، ويمحو الله بها الخطايا.

-[المباحث العربية]-

(أرأيتم) أي أخبروني بجواب هذا الاستفهام، وفي دلالة "أرأيتم" على معنى أخبروني مجازان، الأول في الاستفهام الذي هو طلب الفهم بأن نريد منه مطلق الطلب عن طريق مجاز مرسل علاقته الإطلاق بعد التقييد. الثاني في "رأي" التي هي بمعنى علم أو أبصر، بأن نريد منها المسبب عن العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>