وقدمت عليه فأعربت حالا، وفي رواية "لا يبقى من درنه شيء" يفتح ياء "يبقى" ورفع "شيء" على الفاعلية.
(فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا) الفاء في جواب شرط مقدر، أي إذا تقرر عندكم هذا الأمر فذلك مثل الصلوات، وجملة "يمحو الله بها الخطايا" مستأنفة، أو حال من الصلوات.
والكلام على سبيل تشبيه التمثيل، أي تشبيه هيئة بهيئة، والمقصود منه هنا إبراز المعقول في صورة المحسوس، لتقريبه إلى الأذهان، وليستقر الحكم في النفس فضل استقرار وتمكن، ووجه التمثيل أن المرء كما يتدنس بالأقذار المحسة في بدنه، ويطهره الماء الكثير، فكذلك الصلوات تطهر العبد من أقذار الذنوب حتى لا تبقي له ذنبا إلا أسقطته.
-[فقه الحديث]-
قال الطبري: ظاهر الحديث أن الصلوات الخمس تستقل بتكفير جميع الذنوب، ويشكل عليه ما رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا "الصلوات الخمس كفارة لما بينها، ما اجتنبت الكبائر" فعلى هذا القيد [ما اجتنبت الكبائر] يحمل المطلق. اهـ.
ولا خلاف في أن المراد من الخطايا في الحديث، الذنوب الصغائر خاصة يؤكد ذلك تشبيهها بالدرن، والدرن صغير جدا بالنسبة لما هو أكبر من الأقذار أو الحبوب.
نعم الصغائر تكفر أيضا بصالحات أخرى، كصيام رمضان، وصلاة الجمعة، وباجتناب الكبائر، مصداقا لقوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} بل ببعض النوافل، كصوم يوم عرفة التي نحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله.
فإن قيل: لو اجتنبت الكبائر فماذا تكفر الصلاة؟ أجيب بأن اجتناب الكبائر لا يتم إلا بفعل الصلوات الخمس، فمن لم يفعلها لم يعد مجتنبا للكبائر.