كما فضل الله بعض الناس على بعض، وفضل بعض الأماكن على بعض فضل بعض الأوقات على بعض، وتفضيل الأماكن والأوقات تفضيل للعبادة فيهما على العبادة في غيرهما.
وقد فضل الله وقتي العصر والفجر على بقية أوقات اليوم، لأن الفجر وقت النوم، ووقت الخلود إلى الراحة، ووقت البرد في الشتاء، ولأن العصر وقت انشغال الناس بالأعمال والكسب، فكان الترغيب في المحافظة على الصلاة في هذين الوقتين، وكان فضل الله في الإثابة على صلاتهما عظيما، وشاء الله أن يباهي بعباده المصلين ملائكته، ينزل من السماء إلى الأرض ملائكة في هذين الوقتين. تنزل ملائكة الفجر فتشهد الصلاة مع المصلين، وتستمر إلى صلاة العصر، فتنزل طائفة أخرى من الملائكة تجتمع مع الأولى في صلاة العصر مع المصلين، ثم تصعد طائفة النهار إلى ربها، وتبقى ملائكة الليل فتبيت حتى الفجر، فتنزل ملائكة النهار فتجتمع مع ملائكة الليل في صلاة الفجر، ثم تصعد ملائكة الليل، فيسألهم ربهم سؤال استنطاق: كيف تركتم عبادي؟ وهو أعلم بهم، فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون.
فيا سعادة من شهدت صلاته وشهدت له الملائكة، ويا خسارة من أضاع هذا المغنم.
-[المباحث العربية]-
(يتعاقبون فيكم ملائكة) مذهب الأخفش ومن تابعه من النحويين في هذا وفي أمثاله أن الواو في "يتعاقبون" علامة جمع المذكر، وليست الفاعل، وإنما الفاعل "ملائكة" وحكوا مثله في قول العرب: أكلوني البراغيث، وحملوا عليه قوله تعالى {وأسروا النجوى الذين ظلموا}
وقال سيبويه وأكثر النحويين: لا يجوز إظهار الضمير مع وجود الفاعل