النساء آخرها، وشرها أولها" ولم يتغلب الترغيب على هضم النفس والتواضع فظلوا يتأخرون عن الصف الأول، حتى قال صلى الله عليه وسلم "لا يزال قوم يتأخرون [عن الصف الأول] حتى يؤخرهم الله" وربط فضل الصف الأول بميزة يؤمن بها الصحابة، ربطه بالأذان وفضل المؤذنين وقد علم عندهم أن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة، فقال: لو يعلم المسلمون فضيلة المؤذن وفضيلة الصلاة في الصف الأول لاستبقوا إليهما ولتنافسوا وتباروا في الوصول إليهما حتى يضطروا إلى القرعة تفصل بينهم، وتقدم بعضهم، ولما كان المقام بيان التسابق في الخيرات اقتضى أن يقرن بذلك الدعوة إلى التسابق إلى الصلاة والتبكير إليها، وبخاصة صلاة العشاء وصلاة الفجر، وهما أثقل صلاة على المنافقين فقال: لو يعلم المسلمون ما في التبكير إلى الصلاة من الأجر لتسابقوا بشأنه ولو يعلمون ما في صلاة العشاء والفجر من الأجر لأتوهما سراعا ولو كانوا مرضى لا يستطيعون المشي، لأتوهما حبوا على أيديهم وأرجلهم.
-[المباحث العربية]-
(لو يعلم الناس ما في النداء) المراد به الأذان، أي لو يعلمون ما في مباشرته وأدائه من الأجر.
(والصف الأول) ما يلي الإمام مطلقا، وقيل: أول صف تام يلي الإمام لا ما يتخلله شيء، وقيل: المراد به من سبق إلى الصلاة ولو صلى آخر الصفوف وهو أضعف الأقوال، وأقواها الأول.
(ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) الاستهام الاقتراع، والمعنى أنهم لو علموا فضيلة الأذان، ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به، لضيق الوقت عن أذان بعد أذان، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، لاقترعوا في تحصيله.
(ولو يعلمون ما في التهجير) أي التبكير إلى الصلاة، أي صلاة كانت وخصه الخليل بالجمعة، والصواب المشهور الأول.