نجتمع فيه، نذكر الله تعالى، ونصلي فيه، فجعلوه يوم العروبة اجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم يومئذ، وأنزل الله تعالى بعد ذلك {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} وهذا وإن كان مرسلا فله شاهد بإسناد حسن أخرجه أحمد وداود وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وغيره، من حديث كعب بن مالك قال:"كان أول من صلى بنا الجمعة، قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أسعد بن زرارة" فمرسل ابن سيرين يدل على أن أولئك الصحابة اختاروا يوم الجمعة بالاجتهاد. قال الحافظ في الفتح: ولا يمنع ذلك أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علمه بالوحي وهو بمكة، ولم يتمكن من إقامتها هناك، فقد ورد فيه حديث عن ابن عباس عند الدارقطني، ولذلك جمع بهم أول ما قدم المدينة كما حكاه ابن إسحاق وغيره، وعلى هذا فقد حصلت الهداية للجمعة بجهتي البيان والتوفيق. اهـ.
ولا يقال إن يوم الجمعة مسبوق بأحد وسبت، إذ لا يتصور أحد اجتماع الأيام الثلاثة متوالية إلا ويكون يوم الجمعة سابقا.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
١ - أن الجمعة فرض على المسلمين لقوله "فرض الله عليهم، فاختلفوا فيه فهدانا الله له "لأن التقدير فرض الله عليهم وعلينا، فضلوا وهدينا، ويؤيد ذلك رواية مسلم "كتب علينا".
٢ - أن الهداية والإضلال من الله تعالى وهذا يوافق مذهب أهل السنة.
٣ - أن سلامة الإجماع من الخطأ مخصوص بأمة محمد حيث أجمع اليهود والنصارى على غير الحق.
٤ - أن الاجتهاد في زمن نزول الوحي جائز، حيث اجتهد الصحابة بالمدينة.
٥ - أن الجمعة أول الأسبوع شرعا، ويدل على ذلك تسمية الأسبوع كله جمعة، وكانوا يسمون الأسبوع سبتا.