الصلاة قياسا على بقية الصلوات، فألحق الجمعة بها، وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب، وذلك حينما رأى كثرة المسلمين بالمدينة، وتشاغلهم بأعمالهم مع تباعد منازلهم، ووافق سائر الصحابة له بالسكوت وعدم الإنكار، وعلى ذلك فأول من زاد الأذان بالمدينة هو عثمان بن عفان، والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك، لكونه خليفة مطاع الأمر، لكن ذكر بعضهم أن أول من أحدث الأذان الزائد بمكة هو الحجاج، وبالبصرة هو زياد، والصحيح الأول، كما ورد أن عمر هو الذي زاد الأذان، والظاهر أن عمر كان يدعو الناس إلى الجمعة، من غير أن يؤذن لها، وجاء في رواية "فأمرعثمان بالنداء الأول" ولا منافاة بين الروايتين لأن الزائد عما كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول باعتبار الإيجاد، حيث يؤذن به عند دخول وقت الظهر وثالث باعتبار شرعيته لأنه أحدث بعد الأولين باجتهاد عثمان وموافقة سائر الصحابة بالسكوت وعدم الإنكار. قال الحافظ ابن حجر: وأما ما أحدثه الناس قبل وقت الجمعة من الدعاء إليها بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو في بعض البلاد دون بعض، واتباع السلف الصالح أولى. اهـ.
-[ويستفاد من الحديث ما يأتي: ]-
١ - أن جلوس الإمام على المنبر قبل الخطبة ثابت شرعا، وهو سنة عند مالك والشافعي والجمهور، خلافا لبعض الحنفية، واختلف في علته، فقيل: لراحة الخطيب، وقيل: من أجل الأذان بين يديه، وعليه لا يسن الجلوس في العيد، إذ لا أذان هناك، وقيل لتسكين اللغط والتهيؤ للإنصات، وإحضار الذهن لسماع الخطبة.
٢ - التأذين قبيل الخطبة حين يجلس الإمام على المنبر.
٣ - أن خطبة الجمعة سابقة على صلاتها، ووجهه أن الأذان لا يكون إلا قبل الصلاة. وإذا كان يقع حين يجلس الإمام على المنبر دل على سبق الخطبة على الصلاة.