مطلع هذا الحديث: عن واصل الأحدب عن المعرور قال: لقيت أبا ذر بالربذة -بفتح الراء موضع بالبادية، بينه وبين المدينة نحو ثلاثين ميلا من جهة العراق -وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، وفي رواية فقلت: يا أبا ذر. لو جمعت بينهما كانت حلة"؟ وفي رواية "فقال القوم: يا أبا ذر. لو أخذت الذي على غلامك فجعلته مع الذي عليك لكانت حلة؟ فقال: ساببت رجلا ... " إلخ الحديث. والظاهر أن الحلة كانت تتكون من قطعتين من نوع واحد، وأنها كانت لأبي ذر، فلما سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم ما سمع فهم أنه لا بد أن يلبس عبده مما يلبس، فقسم الحلة بينه وبين عبده وأخذ يسوي بينه وبين عبده في المأكل والمشرب.
والظاهر أن السب وقع من أبي ذر قبل أن يعرف تحريمه، كذا قيل، والأحرى أن يقال: إنه استغضب فغضب، فأخطأ، فندم، فقد روي أنه ألقى بخده على الأرض وقال: لا أرفعه حتى يطأه بلال بقدمه، وإنما وبخه صلى الله عليه وسلم وعنفه مع عظم منزلته تحذيرا له عن معاودة ذلك، وتنفيرا لغيره من خصال الجاهلية الذميمة.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
١ - استحباب إعطاء الخدم والعبيد ما يشعرهم بالمشاركة الفعلية وليس شرطا المساواة، وإنما المطلوب المواساة التي تظهر في الإطعام والإلباس.
٢ - النهي عن سب العبيد وعن تحقيرهم بآبائهم، ويلحق بهم الخادم والأجير والضعيف.
٣ - الحث على الإحسان إليهم والرفق بهم، والرفق بمن كان في حكمهم كالدواب.
٤ - عدم الترفع على المسلم وإن كان عبدا.
٥ - منع تكليف العبد ومن في حكمه ما لا يطيق أصلا، أو ما لا يطيق