أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله" -إلا أن يكون معروفا بالصبر، فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، كفعل أبي بكر رضي الله عنه حين تصدق بماله، وكذلك آثر الأنصار المهاجرين، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، فليس له أن يضيع أموال الناس -يقصد من يعوله -بعلة الصدقة. أهـ.
وقال ابن بطال: أجمعوا على أن المدين لا يجوز له أن يتصدق بماله، ويترك قضاء الدين.
وقال الطبري: قال الجمهور: من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله حيث لا دين عليه، وكان صبورا على الضيق، ولا عيال له، أو له عيال يصبرون أيضا فهو جائز، فإن فقد شيء من هذه الشروط كره. أهـ
وقال النووي: مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه، ولا له عيال لا يصبرون، ويكون هو ممن يصبر على الضيق والفقر، فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه. أهـ.
والفرق بين ما يقوله الطبري وما يقوله النووي جواز التصدق عند الطبري بهذه الشروط، واستحبابه عند النووي مع الشروط نفسها.
قال الحافظ ابن حجر: والمختار أن معنى الحديث: أفضل الصدقة ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال، بحيث لا يصير المتصدق محتاجا بعد صدقته لأحد، فمعنى الغنى في هذا الحديث حصول ما تدفع به الحاجة الضرورية، كالأكل عند الجوع، وستر العورة، والحاجة إلى ما يدفع به الأذى عن نفسه، وما هذا سبيله فلا يجوز الإيثار، بل يحرم، فمراعاة حقه أولى على كل حال، فإذا سقطت هذه الواجبات صح الإيثار، وكانت صدقته هي الأفضل، لأجل ما يتحمل من مضض الفقر، وشدة مشقته فبهذا يندفع التعارض بين الأدلة إن شاء الله. أهـ.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
١ - تقديم نفقة النفس والعيال، لأنها معينة في الشخص، بخلاف الصدقة فهي على الكفاية.