المطالبة من غير قدر زائد يقتضي الكفر، بل جرى على عادة الأعراب من الجفاء في المخاطبة، ووقع في المعجم الأوسط للطبراني ما يفهم منه أنه العرباض بن سارية، ولكن رواية النسائي والحاكم تدل على غيره، وكأن القصة وقعت للأعرابي، ووقع للعرباض نحوها، وسبب هذا التقاضي ما ثبت من أنه صلى الله عليه وسلم كان قد استقرض منه بعيرا للمساكين على الصدقات، فلما جاءت إبل الصدقة جاء هذا يطلب بديل بعيره، وقد اختلف الفقهاء في حكم استقراض الحيوانات، فذهب مالك والشافعي والجمهور إلى جواز استقراض جميع الحيوانات، ومنع ذلك الحنفية، لحديث النهي عن بيع الحيوانات نسيئة، وجمع الشافعي بين هذا الحديث وحديث النهي بحمل النهي على ما إذا كان نسيئة من الجانبين، والجواز على ما إذا كان ذلك من أحدهما، على أن حديث النهي مرسل عند الحفاظ، واستشكل إعطاؤه سنا خيرا من سنه بأن في ذلك ربا، لأن هذا القرض جر نفعا للمقرض، وأجيب بأن المنهي عنه هو ما كان مشروطا في القرض، كشرط رد صحيح عن مكسر، أو رد زيادة في القدر أو الصفة. أما لو فعل ذلك بدون شرط كما هنا استحب حسن القضاء، ولم يكره للمقرض الأخذ خلافا للمالكية.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
١ - جواز توكيل الحاضر الصحيح، وهو مذهب الجمهور، ومنعه أبو حنيفة إلا بعذر أو سفر أو برضى الخصم، واستثنى مالك من بينه وبين الخصم عداوة.
٢ - وجواز توكيل الغائب أيضا، لأنه إذا جاز توكيل الحاضر مع إمكان مباشرة الموكل بنفسه فجوازه للغائب مع الاحتياج إليه أولى.
٣ - وجواز الأخذ بالدين، ولم يختلف العلماء في جوازه عند الحاجة.
٤ - وجواز الوكالة في قضاء الدين.
٥ - وفيه حجة لمن قال يجوز قرض الحيوان.
٦ - وفيه ما يدل على أن القرض إذا أعطاه المستقرض أفضل مما