قالوا: لا يا رسول الله. إن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر، فقال: لا بأس "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" وكانت القبيلة في الجاهلية تنتصر لابنها فتهاجم معه، ولو كان ظالما، ولا تمنعه عن ظلمه كما قال شاعرهم.
إذا أنا لم أنصر أخي وهو ظالم على القوم لم أنصر أخي حين يظلم
وفهم أحد السامعين خطأ، وظن أن نصرة الظالم مساعدته وإعانته على زيادة الظلم والاعتداء على المظلوم، كما كانت الجاهلية تفعل، فقال: يا رسول الله واضح لنا أن ننصر المظلوم، فكيف ننصر الظالم؟ فبين له الرسول صلى الله عليه وسلم أن المعتدي ظالم لنفسه قبل أن يظلم المعتدي عليه، فنصرته إنما تكون بنصره نفسه من جوارحه، ومنعه من الاعتداء، فقال "إن كان ظالما فينهه، فإن له نصرة، ويكفه عن الظلم فذاك نصره إياه".
-[المباحث العربية]-
(انصر أخاك) قال ابن بطال: النصر عند العرب بمعنى الإعانة فهو من باب تسمية الشيء باسم ما يئول إليه، وهو من عجيب الفصاحة ووجيز البلاغة، والمراد بالأخ الأخ في الإسلام، وكل شيئين بينهما اتفاق يطلق عليهما اسم الأخوة.
(ظالما أو مظلوما) منصوب على الحال من المفعول.
(قالوا: يا رسول الله) القائل أحد السامعين كما جاء في رواية أخرى "فقال رجل: يا رسول الله" وفي رواية "فقالوا يا رسول الله" لكنها تحمل على أن المتكلم واحد وغيره وافقه، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الرد "تأخذ" بالإفراد ولو كان المتكلمون جمعا لقال تأخذون.
(هذا ننصره مظلوما) الإشارة إلى ما في ذهن المتكلم من الرجل الذي ينصرونه، ومظلوما حال من الضمير المنصوب في "ننصره" وكذلك "ظالما".
(تأخذ فوق يديه) قيل: إن كلمة "فوق" مقحمة، وقيل إنها ذكرت إشارة