للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-[فقه الحديث]-

قام الإجماع على أن الظالم إذا بين مظلمته لأخيه واستبرأه منها فأبرأه فهو نافذ، واختلفوا فيمن بينهما ملابسة أو معاملة، ثم حلل بعضهما بعضا من كل ما جرى بينهما فقال قوم: إن في ذلك براءة له في الدنيا والآخرة، وإن لم يبين مقداره، وقال آخرون: إنما تصح البراءة إذا بين له وعرف ما له عنده أو قارب ذلك بما لا مشاحة في ذكره، وقال قوم: إن بيان مظلمة العرض غير لازم خصوصا إذا كان يترتب على البيان مفسدة، ولهذا قال الخطابي: إذا اغتاب رجلا فإن كان بلغ القول صاحبه فلا بد أن يستحله، وإن لم يبلغه استغفر الله ولا يخبره أما مظلمة المال فالبيان لازم لتصح البراءة. وقال بعض أهل العلم: إنما يصح التحلل في المنافع التي هي أعراض، كأن يكون قد غصب دارا فسكنها، أو دابة فركبها، أو ثوبا فلبسه، أو في الأعيان التي تلفت، فإن كانت الدار قائمة، أو الدابة موجودة، أو الثوب باقيا، أو الدراهم في يده حاصلة لم يصح التحلل منها إلا أن يستوهبه أعيانها، وقد فهم البعض من قوله صلى الله عليه وسلم أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه، تعارضا بين الحديث وبين قوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وهو فهم قاصر، إذ معنى الآية: لا تحمل نفس لم تذنب وزر نفس أذنبت، وهذا الظالم حين تطرح عليه سيئات المظلوم إنما يحمل وزر نفسه وسيئة جرمه، فحقيقة العقوبة مسببة عن ظلمه، وهو لم يعاقب بجناية غيره، أما كونها رفعت من سيئات المظلوم، فلأن هذا الرفع في مقابلة الحسنة التي كان يستحقها مقابل وقوع الظلم عليه.

-[ويؤخذ من الحديث: ]-

١ - طلب المبادرة إلى أن يتصافح الناس ويصفو ما بينهم قبل أن يقفوا للحساب.

٢ - أن في الآخرة مقاصة بعدل الله أو فضله.

٣ - أن مقاصة الآخرة بالحسنات والسيئات.

<<  <  ج: ص:  >  >>