مرة أخرى وبأسلوب آخر يوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الجهاد في سبيل الله ففي الحديث السابق بعد أن نفى صلى الله عليه وسلم وجود عمل يعدل الجهاد وبين أن ثواب المجاهد منذ أن يخرج من بيته إلى أن يعود يعادل ثواب من يصوم هذه الفترة لا يفطر نهاره ويقوم ليله بهمة ونشاط وفي هذا الحديث يمثل ثواب المجاهد بثواب القائم كالحديث السابق ويزيد عليه أن الله تعالى تعهد للمجاهد بأمرين بل بأحد أمرين تعهد إن توفاه أن يدخله الجنة في الحال وبغير حساب وهذا العهد صريح في قوله تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} وتعهد إن أرجعه سالما أن يرجعه بأجر عظيم جدا إن لم يحصل على غنيمة وبأجر أقل إن حصل على غنيمة {ومن أوفى بعهده من الله}
وفي غمرة بيان الفضل للمجاهد لا ينسى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبرز ضرورة إخلاص المجاهد لينال هذا العهد الإلهي والإخلاص أمر داخلي لا يعلمه إلا الله فهو وحده الذي يعلم من قصد بجهاده إعلاء كلمة الله ويعلم من يقصد الشهرة ومن يقصد المغنم ومن يقصد الحمية والعصبية ومن يقصد إبراز الشجاعة وأن يرى مكانه وقوته وما هذا الوعد إلا لمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا
-[المباحث العربية]-
(مثل المجاهد في سبيل الله) أي صفته وحاله والمقصود بالمجاهد من يقاتل الكفار دفاعا عن الإسلام بنية خالصة
(والله أعلم بمن جاهد في سبيله) جملة لا محل لها من الإعراب معترضة بين المبتدأ مثل المجاهد ... وبين الخبر كمثل الصائم القائم وأفعل التفضيل أعلم مراد بها أعلم بنيته وقصده من جميع خلقه وأعلم منه نفسه بنيته يعلم إن كان يقصد إعلاء كلمة الله وحده أو يقصده ويقصد غيره من منافع الدنيا أو يقصد منافع الدنيا وحدها