٣٤ - عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه فإذا أمطرت السماء سري عنه فعرفته عائشة ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أدري لعله كما قال قوم فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم الآية
-[المعنى العام]-
لله في الكون آيات يسخر ما يشاء لما يشاء يجعل الشيء الواحد تارة نعمة وتارة عذابا وتارة نعمة لقوم وعذابا للآخرين المطر مثلا يكون غيثا وحياة لبلدة ميتة ويكون طوفانا وسيولا مغرقة مدمرة بل المطر القليل المعتاد يكون عند القحط للزارعين غيثا وفي الوقت نفسه يكون لمن يعملون في الفخار ونحوه بلاء والريح منها الصبا والنسيم التي يتمناها الإنسان في الصيف ومنها الدبور التي تلفح الوجوه والتي أهلكت بها عاد {ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم} وما نراه وما نسمعه في أيامنا من نكبات العواصف العاتية المدمرة ليس إلا امتحانا واختبارا وإنذارا ولكن قل من يتنبه ويعتبر
من هنا كان واجب المؤمن إذا رأى آية من آيات الله في الكون سحابا أو ريحا أو مطرا أو نحوها أن يطمع في كرم الله ونعمائه وأن يخاف بطش الله وعقابه يرجو رحمته ويخشى عذابه بل عليه أن يغلب الخوف على الطمع والرجاء وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم الوحي إليه بأن أمته لا تعذب عذاب استئصال كبعض الأمم {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} رغم أنه أعطي الأمان من أن تعذب أمته بالحجارة أو بالمسخ أو بالصيحة أو بالغرق أو بالريح رغم كل هذا كان إذا رأى سحابة في السماء وهو يتمناها غيثا يخشى أن تكون عذابا أليما يتملكه الخوف من عقاب الله فهو يرى كثرة المكذبين الضالين المستحقين للنقمة يتملكه القلق يدخل ويخرج يقبل ويدبر يتحرك ويسكن وينقبض وجهه وتظهر