للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-[المعنى العام]-

خلق الله الخلق من العدم وبدأ خلق الإنسان من طين من الأرض خلقه وفيها يعيده ومنها يخرجه تارة أخرى وإذا كانت القدرة المخلوقة تكون الإعادة أسهل عليها من البدء وإذا كانت العادة أن الخلق الأول أصعب من إعادة الخلق فإن قدرة الله تعالى لا يوصف شيء أمامها بأنه أصعب أو أسهل فخلق أشد المخلوقات حين يصور بكلمة كن فيكون وإذا كان الله تعالى خلق بني آدم في بطون أمهاتهم وكساهم بعد ولادتهم عرايا فإنه سيعيدهم عراة سيخرجهم من قبورهم بعد أن تآكلت أكفانهم وتناثرت عن رفاتهم سيخرجهم كما بدأهم حفاة عراة بل ويعيد إليهم ما قطع منهم في دنياهم من أجزاء جسمهم حتى الجلدة التي تقطع عند الختان تعود إليهم ينفخ في الصور فإذا الناس قيام ينظرون يحشرون إلى أرض غير الأرض أرض مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يجتمع الرجال والنساء جميعا عراة لا ينظر أحد سوأة الآخر تشغلهم أهوالهم لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ويشغله عن أن ينظر إلى غيره يومئذ يستمعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا وأول من يكسى من الخلائق إبراهيم عليه السلام فقد ألقي في نار الدنيا عريانا فكانت عليه بردا وسلاما يكسى بحلة من الجنة ويليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تكون الشفاعة والحوض الذي يقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي أمته لتشرب يعرفهم بسيماهم يعرفهم بالغرة والتحجيل بياض الجبهة ونورها وبياض الأطراف ونورها من أثر الوضوء ويعرف بعض أصحابه الذين يحال بينهم وبين الحوض تأخذهم ملائكة العذاب نحو النار فتأخذه رأفة بهم صلى الله عليه وسلم فينادي هؤلاء أصحابي فأين تذهبون بهم فيقال له إنك لا تعلم ما أحدثوا بعدك إذ ارتدوا وكفروا فيقتدي صلى الله عليه وسلم بأخيه عيسى عليه السلام ويقول: {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز

الحكيم}

<<  <  ج: ص:  >  >>