الحياة هبة الله تعالى لذا ينبغي أن تترك الروح لخالقها يسلبها متى يريد ويحملها الآلام إذا شاء وقد حذر الإسلام من الإقدام على التخلص من الحياة مهما كانت بواعثه ومهما قست بالمرء نوائب الزمان فمن المعلوم أن هذه الدنيا دار شقاء وليس للمصائب والمتاعب إلا الرجال وأولو العزم أكثر الناس بلاء وبقدر تحمل الرجل لكبار الأرزاء تكبر رجولته وبقدر جزعه وانهياره أمام بعضها يظهر ضعفه وجبنه
وقد علمتنا التجارب أن طريق السعادة مليء بالأشواك ومن أراد القمة تسلق الوعر وبالجهاد والصبر والتفويض يصل الإنسان ومن ظن أنه بانتحاره يتخلص من الآلام فهو واهم لأنه إنما يدفع بنفسه من ألم صغير إلى ألم كبير ومن ضجر محدود في زمن قصير إلى ضجر غير محدود في زمن طويل
إن الذي يقدم على الانتحار غير راض بالقضاء محارب للقدر ساخط على مراد الله يائس من روح الله و {إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون}
من أجل هذا كانت عقوبته عند الله قاسية فمن قتل نفسه بحديدة أو ضرب نفسه برصاص أو طعن نفسه بسكين أعد الله له حديدة أو رصاصا أو سكينا من نار يطعن بها نفسه في جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا حدثنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى في الجهاد الذي يظن أنه ميدان الجنة يخبرنا صلى الله عليه وسلم عن رجل قاتل الكفار ما ترك شاردة ولا واردة منهم يحدثنا أنه من أهل النار لأنه حين جرح وآلمه الجرح أجهز على نفسه بغرز سيفه بين ثدييه حتى خرج من ظهره وفي هذا الحديث يذكر صلى الله عليه وسلم حادثة مشابهة وقعت في بني إسرائيل هي أن رجلا أصابته جراحة في يده فأهملها حتى تقيحت وازداد ألمها حتى ضعفت قوة الرجل وعزيمته أمام وجعها فقرر أن يتخلص من الحياة كلها ليستريح من قرحته فأخرج سهما من كنانته ونخس القرحة