(فلا تخفروا الله في ذمته) الخطاب للصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ويقاس عليهم من يأتي بعدهم. والفعل "تخفروا" بضم التاء وكسر الفاء بينهما خاء ساكنة من أخفر الرباعي، ومعناه غدر ونقض العهد، ولم يرع الذمة، فالهمزة فيه للسلب والإزالة، لأن معنى خفر الثلاثي حمى وأجار ورعى العهد. فالمعنى لا تغدروا، ولا تعتدوا، ولا تنقضوا عهد الله لمن هذه حاله.
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من الحديث: ]-
١ - فضل استقبال القبلة، والتزامه في الصلاة، فرضها ونقلها، إلا في حالات مستثناه شرعا، والمراد أن يستقبل القبلة بأطراف أصابع رجليه وبجميع ما يمكن من الأعضاء، هذا أكمله، وفي أقله خلاف عند الفقهاء.
٢ - أخذ بعضهم من مفهوم الحديث قتل تارك الصلاة عمدا، لأن من صلى صلاتنا يوفى عهده ويصان دمه وماله. ومفهومه أن من لم يصل صلاتنا لا يحقن دمه، وفي ذلك خلاف طويل بين الفقهاء مذكور في محله.
٣ - وفيه أن أمور الناس محمولة على الظاهر، والله يتولى السرائر.
٤ - وأن من أظهر شعائر الإسلام أجريت عليه أحكام المسلم، ما لم يظهر منه ما يناقض ذلك.
٥ - وأن الصلاة واستقبال القبلة وأكل ذبيحة المسلمين هو شعار الإسلام، وقد استشكل على هذا بأن الشعار الحقيقي هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأجيب بأن الصلاة متضمنة لهذا الشعار، إذ الشهادة داخلة في الصلاة ركن من أركانها، ثم إن ما ذكر في الحديث هو علامة من علامات المسلم، التي تحقن الدم ابتداء، والشهادة وحدها كذلك، ثم يطالب بعد ذلك ببقية أركان الإسلام، فإن أنكر بعضها فقد أتى ما يناقضها ولم يحقن.