المسلمون مثله، فنبه على التحرز من إذايتهم التي قربت أسبابها.
وخص اللسان واليد بالذكر من بين سائر الجوارح لأن اللسان هو المعبر عما في النفس، واليد هي التي بها البطش والقطع والوصل والأخذ والمنع والإعطاء.
وقدم اللسان على اليد لأن إيذاءه أكثر وقوعا من إيذائها، وأسهل مباشرة وأشد نكاية منها، ولهذا قال الشاعر:
جراحات السنان لها التئام ... ولا يلتام ما جرح اللسان
ثم إيذاء اللسان يعم، ويلحق عددا أكثر مما يلحقه إيذاء اليد، فقد يؤذي البعيد والقريب، والحاضر والغائب والميت والحي، وأسرة أو قبيلة أو دولة بلفظ واحد، بخلاف اليد.
فذكر اللسان واليد مع غلبة مباشرتهما الأذى كالعنوان لكل ما يباشر الأذى من الأعضاء، حتى القلب فإنه منهي عن الحسد والحقد والبغض والغيبة وإضمار الشر ونحو ذلك.
ولا يدخل في إيذاء المسلم إقامة الحدود عليه، إذ هي إصلاح لا إيذاء وكل مأذون فيه شرعا مهما آلم ليس من قبيل الإيذاء المحرم.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
١ - الحث على ترك أذى المسلمين بكل ما يؤذي، وجماع ذلك حسن الخلق وهو درجات، أعلاها درجة الأبرار، وهم الذين لا يؤذون الذر ولا يضمرون الشر.
٢ - في الحديث رد على المرجئة في قولهم: لا يضر مع الإيمان معصية.
٣ - في الحديث أن العفو والصفح وترك المؤاخذة أولى من المطالبة والمعاقبة {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}