للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبيان والنساء قال ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي

-[المعنى العام]-

في شهر رجب سنة تسع من الهجرة بلغ المسلمين من التجار الذين ينتقلون بين الشام والمدينة أن الروم جمعوا جموعا كثيرة وحرضوا بعض القبائل العربية المتاخمة لمملكتهم لمحاربة المسلمين وكانت نصارى العرب قد كتبوا إلى هرقل أن المسلمين في هذه الفترة قد أصابتهم السنون فهلكت أموالهم فأراد هرقل أن يستغل هذه الفرصة فجهز جيشا يزيد على أربعين ألف مقاتل علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فأمر بالاستعداد للخروج ولكن كيف يخرجون إنهم في شبه مجاعة بل في مجاعة حقيقية أين الظهر الذي يركبونه من المدينة إلى الشام وأين التموين الذي يكفيهم عسرة ما بعدها عسرة لقد قدم الصحابة ما يمكن أن يقدموه قدم أبو بكر كل ماله لكنه قليل وقدم عمر نصف ماله لكنه أقل وها هو ذا عثمان قد أعد للتجارة مائتي بعير تحمل القمح قد جعلها في سبيل الله وسلمها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها مائتا أوقية استجاب المسلمون لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم الحر الشديد وضيق الحال تجمع جيش إسلامي يبلغ ثلاثين ألفا وتحرك نحو الشام مسافة تبلع الأربعمائة ميل أو تزيد ومن يخلف المسلمين في المدينة يرعى أمورها ويحفظ ذمارها ويحمي حماها مدة الغيبة الطويلة لقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ابن عمه لهذه المهمة الصعبة كما اختاره ليقوم مقامه ليلة الهجرة لكن عليا رضي الله عنه نظر إلى هذه المهمة نظرة أخرى ظن أنها مهمة غير القادرين على القتال كيف وهو المشهور بالقوة والشجاعة والإقدام إذا اشتد البأس كيف وهو الذي صرع كل من بارزه في ساحة المعارك كيف وهو الذي فتح الله على يديه خيبر يوم حمل لواء الإسلام وقاد المسلمين ظن أنه بمراجعته رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير القرار فقال يا رسول الله أتذهب بالجيش وتتركني في المدينة بين صبيانها ونسائها أما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>