مناسبة هذا الحديث لكتاب النكاح قوله صلى الله عليه وسلم "وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" وسبب مجيء هذا الرهط ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الناس وخوفهم فاجتمع بعضهم واتفقوا على أن يصوم بعضهم النهار ويقوم بعضهم الليل ولا ينام بعضهم على الفراش ولا يأكل بعضهم اللحم ولا يقرب بعضهم النساء ثم جاءوا يسألون ليقتدوا ولعل السر في أنهم لم يسألوه صلى الله عليه وسلم وسألوا زوجاته أنهم ظنوا أنه سيخفي عبادته السرية عنهم قولا كما أخفاها عملا شفقة منه على الأمة والرواية التي معنا تفيد أن الرسول خاطبهم بقوله "أنتم الذين قلتم كذا وكذا" إلخ لكن جاء في رواية مسلم "فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال أقوام قالوا كذا" وقد جمع بينهما بأنه خاطبهم فيما بينه وبينهم ثم منع أصحابه عامة عن التكلف مع عدم تعيينهم رفقا بهم وسترا عليهم وإنما قال لهم الرسول "إني لأخشاكم لله وأتقاكم له" ليرد بذلك ما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره فأعلمهم بأنه مع كونه لم يبالغ في التشديد في العبادة أخشى لله وأتقى من الذين يشددون لأن المشدد لا يأمن الملل بخلاف المقتصد فإنه أمكن لاستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه وقال ابن المنير إن هؤلاء بنوا أمرهم على أن الخوف الباعث على العبادة ينحصر في خوف العقوبة فلما علموا أنه صلى الله عليه وسلم مغفور له ظنوا عدم خوفه وحملوا قلة العبادة على ذلك فرد عليهم مبينا أن خوف الإجلال أعظم من خوف العقوبة ومرادهم من الذنب المغفور ما فرط من خلاف الأولى أو ما هو ذنب في نظره العالي صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن ذنبا ولا خلاف الأولى في الواقع وقد اختلف العلماء في النكاح هل هو من العبادات أو من المباحات فذهب الحنفية إلى