سياق الحديث يدل على أن أم المؤمنين حفصة أذنت للمستأذن بالدخول ولعلها علمت من الرسول هذا الحكم قبل أن تعلمه عائشة وإجماع الأئمة على أن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة وتبيح ما تبيح من النكاح ابتداء ودواما وتنشر الحرمة من الرضيع إلى أولاده فقط دون آبائه وأمهاته وأخواته أما الحرمة من المرضعة وصاحب اللبن فتنشر إلى الجميع فتحرم عليه وعلى أولاده هي وأصولها وفروعها وأخوتها وأخواتها لأنها صارت أمه كما صار صاحب اللبن أباه والحكمة في ذلك أن سبب التحريم ما ينفصل من أجزاء المرأة وزوجها من اللبن فإذا اغتذى به الرضيع صار جزؤه من أجزائها فكأن الرضيع صار جزءا منها فانتشر التحريم بينهم بخلاف قرابات الرضيع لأنه ليس بينهم وبين المرضعة ولا زوجها نسب وحيث حرم عليه هؤلاء على التأبيد جاز له النظر والخلوة والمسافرة ولا ينتقض الوضوء باللمس دون سائر أحكام النسب كالميراث والنفقة والعتق بالملك وسقوط القصاص ورد الشهادة وقد جاء في بعض الروايات "الرضاعة تحرم ما يحرم من النسب" قال القرطبي وهذا دال على نقل الرواية بالمعنى ثم قال ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قال اللفظين في وقتين وقد رجح الحافظ ابن حجر الثاني لأنه يصار إلى الأول عند اتحاد الراوي والواقعة والقصة والزمن وليس ما هنا كذلك وقد استشكل بما جاء في البخاري من أن عم عائشة من الرضاعة جاء يستأذن على عائشة فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأذن له بعد أن امتنعت إذ هذه الرواية تدل على أن عمها كان حيا وقولها في حديثنا "لو كان فلان حيا" يدل على أنه كان ميتا وأجيب بأنهما عمان من الرضاعة واختلفت جهة الاعتبار فيهما فأحدهما رضع مع أبي بكر وهو الذي قالت فيه لو كان حيا فهو أخ من الرضاع لأبيها من النسب والآخر هو أخو أبيها من الرضاعة فهو أخ من النسب لأب من الرضاع وهنا إشكال آخر ناشئ من سؤالها في حديثنا ثم توقفها في الثاني وكل منهما يدل على الحكم بوضوح وقد أجاب
عنه القرطبي فقال هما سؤالان وقعا مرتين في زمنين عن رجلين وتكرر منها ذلك إما لأنها نسيت