يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن من حيث كثرة ابتلاء الله له في دنياه ومن حيث إطاعته لربه وصبره على المصائب ورضاه بها واحتسابها بالنبتة الصغيرة اللينة التي تشتد عليها الريح فتقلبها مرة وتميلها أخرى ولا تكاد تعتدل حتى تهب عليها الريح من جانب آخر فتقلبها إلى الجهة الأخرى وهكذا المؤمن كلما اختبره الله برزء انطاع له ولان ورجا منه الخير فإذا سكن عنه البلاء اعتدل قائما بالشكر لربه أما الكافر الفاجر فمثله مثل شجرة ضخمة صلبة غير جوفاء لا تعصف بها الريح ولا تتأثر بالعوارض حتى إذا شاء الله لها الهلاك قصمها قصما وكسرها كسرا وهكذا الفاجر لا يتفقده الله باختبار بل يعافيه في دنياه ويمهله ويملى له ويجعل له التيسير في المال والصحة والأولاد وبهجة الحياة الدنيا حتى إذا أخذه لم يفلته وإن أخذ ربك لشديد
-[المباحث العربية]-
(مثل المؤمن) المثل هو الصفة العجيبة الشأن
(كمثل الخامة من الزرع) الخامة هي أول ما ينبت من الزرع على ساق واحدة غضا طريا و (من الزرع) متعلق بمحذوف صفة للخامة لأن تعريفها للجنس أو حال منها
(من حيث أتتها الريح كفأتها) أي أمالتها والجار والمجرور متعلق بكفأتها أي تميلها الريح من أي جانب وصلت إليها والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب سيقت لبيان وجه الشبه
(فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء) تكفأ أصله تتكفأ وحذفت إحدى التاءين وأصل الكلام فإذا اعتدلت الخامة تكفأت بالريح أي تقلبت فعبر عن الريح بالبلاء لأنها بلاء بالنسبة إلى الخامة أو أراد بالبلاء ما يضر بالخامة وقال الكرماني لما شبه المؤمن بالخامة أثبت للمشبه به ما هو من خواص المشبه