وفي يومٍ من الأيام وبينما زيد بن عمرو في بلاد الشام المباركة، جاءه راهب نصراني علم بقصته، فأخبره أن نبيًا سوف يبعث قريبًا من بلاد العرب من ولد (إسماعيل ابن إبراهيم)، فرجع زيد إلى مكة يريد ذلك النبي، العجيب أن زيدًا كان يقابل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل البعثة ويخبره بأمره وما هو عليه من دين إبراهيم، ويروي العالم الفلسطيني الجليل الحافظ (ابن حجر العسقلاني) في كتابه الرائع "فتح الباري في شرح صحيح البخاري" روايةً عجيبةً يرويها (عامر بن ربيعة) يقول فيها: "قال لي زيد بن عمرو: إني خالفت قومي، واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان، وكانا يصليان إلى هذه القبلة، وأنا أنتظر نبيا من بني إسماعيل يبعث، ولا أراني أدركه، وأنا أومن به وأصدقه وأشهد أنه نبي، وإن طالت بك حياة فأقره مني السلام! قال عامر: فلما أسلمت أعلمت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بخبره قال: فرد عليه السلام وترَّحم عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: ولقد رأيته في الجنة يسحب ذيولا". ثم خرج زيد بن عمرو إلى الشام مرة أخرى، فوجده أحد الرهبان النصارى وأخبره بأن نبي آخر الزمان الذي ينتظره قد ظهر بالفعل، فلم يصدق زيد ابن عمرو نفسه من شدة الفرح، فأسرع نحو مكة يريد ذلك النبي الذي عاش طيلة حياته يتمنى رؤيته وهو لا يعلم أنه هو نفسه محمد بن عبد اللَّه، ذلك الشاب الذي كان يقابله في شوارع مكة! وبينما زيد في طريقه إلى مكة فرحًا مسرورًا، حدثت المأساة!
فقد هجم عليه مجموعة من قطاع الطرق فقتلوه، فسالت الدماء منه كالشلال المتدفق، فلمّا أدرك أنه أصيب في مقتل، نظر عملاق التوحيد زيد بن عمرو بن نفيل إلى السماء وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فدعى ربه دعاءً عجيبًا ما سمعت الأرض مثله من قبل، هذا الدعاء كان له أكبر الأثر في ميلاد عظيمٍ من أهم عشرة عظماء في تاريخ أمة محمد بن عبد اللَّه!
فما هو سر ذلك الدعاء العجيب؟ ومن هم أولئك العشرة الذين يُعتبرون أعظم عشرة رجال في تاريخ الإنسانية جمعاء بعد الأنبياء؟ وما هي حكاية ذلك الصحابي البطل الذي كان قائد فرسان المسلمين في معركة "أجنادين" المجيدة؟