لو جاءني أحدٌ وسألني عن معاوية بن أبي سفيان قبل سنيّات معدودة لسمع مني مختلف ألوان السَّب والطعن في هذا الرجل! بل لسمع مني تشكيكًا في إسلامه وإسلام أبيه من قبله!!!
هذه حقيقة أشهد اللَّه عليها، فلقد كنت للتشيع يومئذٍ أقرب مني لمذهب أهل السنة والجماعة، وربما يعجب البعض من ذلك بعد أن لاحظ تركيزي على خيانات الشيعة عبر التاريخ في هذا الكتاب، والحقيقة أني لم أذكر شيئًا بعد عن خيانات أولئك القوم بعد، فالقادم في صفحات هذا الكتاب أكثر بكثير! ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: من الذي كان سيتحمل المسؤولية أمام اللَّه لو أنني ارتددت إلى دين الشيعة؟ ومن الذي كان سيشفع لي أمام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما ألاقيه يوم القيامة وقد سببت أصحابه واتهمت زوجاته بالزنى وآمنت بتحريف القرآن كما يفعل الشيعة اليوم؟ لا شك وقتها أنني سأكون المسؤول الأول عن ارتدادي أمام اللَّه، ولكن هناك نفر مسؤولون أيضًا سيقفون بلا شك بين يدي اللَّه ليتحملوا جزءً كبيرًا عن كل شابٍ تشيع من أهل السنة والجماعة ليسبّ عرض النبي وأصحابه الكرام، هؤلاء النفر هم علماء أهل السنة والجماعة الذين لم يبينّوا للناس الحقيقة الكاملة لقصة الفتنة الكبرى، فلقد حاولت جهدي أن أجد أجوبةً لأسئلتي الكثيرة المتعلقة بموضوع الفتنة التي حدثت بين علي ومعاوية رضي اللَّه عنهما وأرضاهما، فذهبت إلى العلماء أستفسر منهم حقيقة ما جرى بعد أن عجزت عن إيجاد الأجوبة المقنعة من خلال مناهج التاريخ المدرسية البالية، فكنت أجد جوابًا يتكرر كثيرًا على مسامعي، ذلك الجواب هو مقولة الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه عندما سُئل عن الفتنة حيث قال:"تلك فتنة عصم اللَّه منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا! "، لذلك لم أجد جوابًا يذكر للسؤال الذي كان يحيرني دومًا: من الذي كان ظالمًا. . . . ومن الذي كان مظلومًا؟؟؟
حتى جاء ذلك اليوم الذي استمعت فيه عن طريق الصدفة في إحدى الإذاعات الشيعية إلى عالمٍ شيعي كان يروي قصة الفتنة، أذكر حينها جيدًا أن دموعي سألت بغزارة وأنا أستمع إليه وهو يقص باكيًا كيف تعرض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الغدر والخيانة من قبل عائشة وأصحاب رسول اللَّه، ولكن الشيء الذي لم أكن أعلمه وقتها أن