الأزدي والذي لا يخلو كتاب يتحدث عن الإِسلام من ذكر كنيته الشهيرة "أبي هريرة"، لم يصحب الرسول لأكثر من ٤ سنوات فقط من أصل ٢٣ سنة هي عمر الدعوة المحمدية، وهو مع ذلك أكثر من نقل الحديث من الصحابة!. . . . فكيف نفسر ذلك؟! والحقيقة أن اللَّه تعالى وعلى الرغم من قدرته اللامحدودة يسخر الأسباب لكل شيء، فكما كان عمى البخاري سببًا في قوة ذاكرته، فإنه سبب الأسباب أيضًا لعبده أبي هريرة لكي يحفظ هذا القدر الكبير من الأحاديث في تلك الفترة الوجيزة (حوالي ٤٠٢٦ حديث)، فلقد كان أبو هريرة مسكينًا لا يملك تجارة يعمل بها ولا أرضا يحرثها ولا عائلة يرعاها! أي أن أبا هريرة كان باختصار شابًا معدمًا لا يملك حتى قوت يومه، لذلك استغل كل وقته في صحبة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولِندع طلحة بن عبيد اللَّه يفسر لنا سر كثرة أحاديث أبي هريرة بنفسه:"واللَّه ما نشك أنه قد سمع من رسول اللَّه ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم، إنا كنا قومًا أغنياء، لنا بيوتات وأهلون، وكنا نأتي رسول اللَّه طرفي النهار ثم نرجع، وكان هو مسكينًا لا مال له ولا أهل، وإنما كانت يده مع رسول اللَّه وكان يدور معه حيث دار، فما نشك أنه قد علم ما لم نعلم، وسمع ما لم نسمع".
فجزاك اللَّه كل خير يا أبا هريرة لما قدمته للإسلام وللمسلمين، وإن كنت مسكينًا في حياتك، فهنيئًا لك الجنة أيها الشاب اليماني البطل، فأبشروا يا أهل اليمن، فواللَّه لو لم يكن فيكم إلا أبو هريرة لكفاكم شرفًا في التاريخ, ولكنكم أيها اليمانيون أبيتم إلا أن تقدِّموا للأمة أعظم رجالها، وأشجع فرسانها، فبورك فيكم يا أهل اليمن، وبورك في يمنكم التي أخرجت للبشريية بعد ما يزيد عن أحد عشر قرنًا من موت أبي هريرة اليماني عظيمًا يمانيًا آخر من عظماء أمة الإِسلام، خلّد اسمه في سجل المائة بكتاب عظيمٍ يحمل توقيعه، أطلق عليه اسم "نيل الأوطار"، فطار ذكره، وعلا صيته، وأصبح مرجعًا لا يستغني عنه أي طالب العلم!